متناول لمل بين الدلوك والغسق، تناولا واحدا، فتخصيص تناوله بأحد طرفي الوقت، دون الآخر، بلا دليل تحكم، (والوجه الثاني) أنه لو كان الوجوب متعلقا بآخره فقط، للزم العصيان بالتأخير إلى آخره، ولو كان متعلقا بآخر الوقت فقط، للزم من تقديم الفعل في أوله، تقديم الواجب قبل وقته، فلا يصح أداؤه، كتقديم الظهر قبل الزوال، والأمة مجتمعة على خلاف ذلك والله أعلم، فثبت بما قررناه، أن الوجوب متناول لجميع الوقت، (وهذا معنى قول المصنف) ففعله في وقت قيده لزم، وأما معنى قوله: زمن يفوته بلا عذر أثم فهو: أن المأمور به، المقيد بوقت، إنما يجب فعله في ذلك الوقت، ولا يصح تأخيره بلا عذر، حتى يفوت الوقت، ومن أخره بلا عذر حتى فات الوقت، فهو آثم بتأخيره، وهالك بتفويته، لمخالفة أمر ربه، وذلك أن الرب عز وجل، أمر العبد أن يفعل ذلك الشيء في ذلك الوقت المحدود، فإذا فعله قبل وقته أو بعده، فقد خالف أمر ربه، فيجب عليه التوبة من ذنبه، والتلافي لقضائه وجوبا شرعيا، لكنهم اختلفوا في الدليل الموجب للقضاء، هل هو الأمر الذي أوجب به الأداء، أو أمر آخر، فلذا قال:
ووجب القضاء بأمر ثاني ... إن فات أو فوته التواني.
وقبل بالأمر الذي تقدما ... والأول الصحيح عندي فافهما.
पृष्ठ 45