منها حقيقة الأمر بين الأمرين من لدن حكيم عليم على لسان الرسول الكريم وأهل بيته عليهم السلام من الرب الرحيم، فإن فهم هذه الحقيقة ودرك سرها وحقيقتها لا يتيسر إلا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فإنه يرى بعين البصيرة والتحقيق بلا غشاوة التقليد وحجاب العصبية أن كل موجود من الموجودات بذواتها وقواها الظاهرية والباطنية من شؤون الحق وأطواره وظهوره وتجلياته، وهو تعالى وتقدس مع علو شأنه وتقدسه عن مجانسة مخلوقاته وتنزهه عن ملابسة التعينات باين في المظاهر الخلقية ظاهر في مرآت العباد وهو الأول والظاهر والباطن كذلك الأفعال والحركات والتأثيرات كلها منه في مظاهر الخلق فالحق فاعل بفعل الله وقوة العبد ظهور قوة الحق.{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}(الأنفال:17) فجميع الذوات والصفات والمشيات والإرادات والآثار والحركات من شؤون ذاته وظل صفة مشيئته وإرادته وبروز نوره وتجليه وكل جنوده ودرجات قدرته، والحق حق والخلق خلق، وهو تعالى ظاهر فيها وهى مرتبة ظهوره.
ظهور تو بمن است ووجود من از تو......ولست تظهر لولاى لم أكن لولاك
فمن نسب الفعل إلى الخلق وعزل الحق عنه بزعم التنزيه والتقديس فهو قاصر وظالم لنفسه وحقه، محجوب عن الحق مطرود عن الرب، تنزيهه وتقديسه تقصير وتحديد وتقليد، فهو داخل في قوله مغضوب عليهم عاكف في الكثرات بلا توحيد. ومن نسبه إلى الحق مع عدم حفظ الكثرة فهو ضال متجاوز عن الإعتدال وداخل في قوله الضالين. والصراط المستقيم والطريق المستبين الخروج عن التعطيل والتشبيه وحفظ مقام التوحيد والتكثير وإعطاء حق الحق والعبد. فعند ذلك ينكشف للعبد أن ما أصابه من حسنة فمن الله وما أصابه من سيئة فمن نفسه، فإن السيئة من سوء الإستعداد ونقصان الوجود وهما قسط العبد، والحسنة من الخيرات والجهات الوجودية، وهي قسط الرب. وينفتح له سر قوله تعالى:{قل كل من عند الله}(النساء:78). فإن القابل من التجلي الغيبي، كما قال محي الدين، والقابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس ويصير على بصيرة من الأخبار المتكاثرة في الباب. وليس هذا المختصر مقام الشرح والتفصيل، ومن أراد أن يتضح له الأمر على تفصيله فعليه بالرجوع إلى مسفورات أساطين الحكمة وأولياء المعرفة سيما السيد المحقق البارع الداماد وتلميذه العظيم صدر الحكماء المتألهين رضوان الله عليهما.
पृष्ठ 133