***61]
"اللهم إني أسئلك من جمالك بأجمله، وكل جمالك جميل، اللهم إني أسئلك بجمالك كله.اللهم إني أسئلك من جلالك بأجله، وكل جلالك جليل. اللهم إني أسئلك بجلالك كله".
واعلم أن الوجود كلما كان أبسط وبالوحده أقرب كان اشتماله على الكثرات أكثر، وحيطته على المتضادات أتم. والمتفرقات في عالم الزمان مجتمعات في عالم الدهر، والمتضادات في وعاء الخارج ملائمات في وعاء الذهن، والمختلفات في النشأة الأولى متفقات في النشأة الآخرة. كل ذلك لأوسعية الأوعية وقربهن لعالم الوحدة والبساطة.
سمعت من أحد المشايخ من أرباب المعرفه رضوان الله عليه يقول: إن في الجنة شربة من الماء فيها كل اللذات من المسموعات بفنونها من أنواع الموسيقى والألحان المختلفه، ومن المبصرات بأجمعها من أقسام اللذات الأوجه الحسان وسايرها من الأشكال والألوان، ومن ساير الحواس على ذاك القياس حتى الوقاعات وساير الشهوات كل يمتاز عن الآخر.
وسمعت من أحد أهل النظر رحمه الله تعالى يقول: إن مقتضى تجسم الملكات وبروزها في النشأة الآخرة أن بعض الناس يحشر على صور مختلفه، فيكون خنزيرا وفارة وكلبا إلى غير ذلك في آن واحد. ومعلوم أن ذلك لسعة الوعاء وقربها من عالم الوحدة والتجرد وتنزهها عن تزاحم عالم الطبيعة والهيولى.فحقيقة الوجود المجردة عن كافة التعلقات وعين الوحدة وصرف النورية لما كانت بسيطة الحقيقة وعين الوحدة وصرف النورية بلا شوب ظلمة العدم وكدورة النقص فهي كل الأشياء وليست بشيء منها.
فالصفات المتقابلة موجودة في حضرتها بوجود واحد مقدس عن الكثرة العينية والعلمية منزه عن التعين الخارجي والذهني. فهي تعالى في ظهورها بطون وفي بطونها ظهور، في رحمتها غضب وفي غضبها رحمة. فهي اللطيف القاهر الضار النافع. وعن أمير المؤمنين عليه السلام: سبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته واشتدت نقمته لأعدائه في سعة رحمته.
فهو تعالى بحسب مقام الإلهية مستجمع للصفات المتقابلة، كالرحمة والغضب، والبطون والظهور، والأولية والآخرية، والسخط والرضا، وخليفته لقربه اليه ودنوه بعالم الوحدة والبساطة مخلوق بيديه اللطف والقهر، وهو مستجمع للصفات المتقابلة كحضرة المستخلف عنه. ولهذا اعترض على إبليس بقوله تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت ***62]
पृष्ठ 61