بيدي}(ص:75). مع أنك مخلوق بيد واحدة. فكل صفة متعلق باللطف فهي صفة الجمال، وكل ما يتعلق بالقهر فهو من صفة الجلال. فظهور العالم ونورانيته وبهائه من الجمال وانقهاره تحت سطوع نوره وسلطة كبريائه من الجلال وظهور الجلال بالجمال واختفاء الجمال بالجلال.
جمالك في كل الحقايق ساير...وليس له إلا جلالك ساتر
وكل أنس وخلوة وصحبة من الجمال، وكل دهش وهيبة ووحشة من الجلال، فإذا تجلى على قلب السالك باللطف والمؤانسة تذكر الجمال ويقول:"اللهم اني أسألك من جمالك بأجمله" إلى آخره.وإذا تجلى عليه بالقهر والعظمة والكبرياء والسلطنة تذكر الجلال بقوله:"اللهم إني أسألك من جلالك بأجله" إلى آخره. فللأولياء والسالكين الى الله والمهاجرين إليه والمطيفين حول حريم كبريائه أحوال وأوقات وواردات ومشاهدات وخطورات واتصالات ومن محبوبهم ومعشوقهم تجليات وظهورات وألطاف وكرامات وإشارات وجذبات وجذوات، وفي كل وقت وحال تجلى لهم محبوبهم بمناسبة حالهم. وقد تكون التجليات على خلاف التنسيق والترتيب، اللطف أولا والقهر ثانيا واللطف ثالثا. ولهذا وقعت الفقرات في الأدعية على خلاف الترتيب، فإن الظاهر عنوان الباطن والدنيا مربوطة بالآخرة.
لمعه
في بيان اختلاف قلوب الأولياء
إن قلوب الأولياء والسالكين مرآت تجليات الحق ومحل ظهوره، كما قال تعالى:" يا موسى لا يسعني أرضي ولا سمائي، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن". إلا أن القلوب مختلفة في بروز التجليات فيها، فرب قلب عشقي ذوقي تجلى عليه ربه بالجمال والحسن والبهاء، وقلب خوفي تجلى عليه بالجلال والعظمة والكبرياء والهيبة، وقلب ذو وجهتين تجلى عليه بالجلال والجمال والصفات المتقابلة أو تجلى عليه بالاسم الأعظم الجامع. وهذا المقام مختص بخاتم الأنبياء وأوصيائه عليهم السلام. ولهذا خص الشيخ الأعرابي حكمته بالفردية لانفراده بمقام الجمعية الإلهية دون ساير الأولياء. فإن كل واحد منهم تجلى عليه ربه باسم مناسب بحاله: أما بصفة الجلال كشيخ الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، فإنه عليه السلام لاستغراقه في بحر عشقه تعالى وهيمانه في نور جماله تجلى عليه ربه بالجمال من وراء الجلال، ولهذا اختص بالخلة وأصبحت حكمته مهيمنية، وكيحيى عليه السلام، فإن ***63]
पृष्ठ 62