الشاهد في إنه نصب (الدار) بفعل يفسره (غيرها) كأنه قال: لا غير الدار غيرها. يقول لم يغير الدار عما اعرفها به بعد الأنيس عنها، غيرتها الأمطار والأرواح مع بعد الأنيس عنها.
ويروى:
لا الدارَ غَيَّرها بَعدي الأنيسُ
يريد: لم يغير الدار قوم نزلوا فيها بعدي فتتغير عما اعرفه منها، ولا بها صمم لو كلمت. يريد إنه وقف في الموضع الذي لو كانت الدار تسمع لسمعت منه كلامه، فلم تجب ولم تتكلم.
وقال جرير:
(فلا حسبًا فَخَرْتَ بهِ لِتَيْمٍ ... ولا جَدَّا إذا ازدحم الجُدودُ)
يهجو جرير بهذا عمر بن لجأ التيمي. والشاهد على أن حسبا) منصوب بإضمار
فعل يفسره (فخرت به) كأنه قال: فلا ذكرت حسبا فخرت به. (ولا جدا) معطوف على (حسبا) وهو بمنزلة قولك: أزيدا مررت به؟ تضمر لزيد فعلا يتعدى بغير حرف جر، كأنه قال: أجرت زيدا مررت به؟
والجد: الحظ، والحسب: الكرم وشرف الإنسان في نفسه وأخلاقه. يقول: ما ذكرت لتيم شيئا تفجر به؛ لأنك لم تجد لها شيئا تذكره، ولا كان لها حظ في علو المرتبة والذكر الجميل.
1 / 60