ولا سكنت في خط الاستواء،
لم يستهوني شيء إلا الأرق،
وشجرة لا تنثني للعاصفة،
وبناء لا تطرف له عين.
وساد صمت ثقيل، ثم قال عثمان: لم أفهم شيئا!
وقال عمر: وأنا لم أقل شعرا، كنت أهلوس تحت تأثير حال مرضية.
فقال مصطفى: ولكن الفن الحديث عموما يتنفس في هذه الثورة.
فقال عثمان بازدراء: إنها أنين نظام يحتضر.
فقال مصطفى: ربما كان هذا حقا على المستوى الحضاري، ولكنني أقول كفنان قديم إنها أزمة فنية أيضا، أزمة فنان يبحث عن شكل جديد بعد أن أعياه المضمون. - ولم أعياه المضمون؟ - لأنه كلما عثر على موضوع وجده مبتذلا من كثرة الاستعمال. - ولكن الفنان يضفي من نفسه على موضوعه، فيصير جديدا في هذه الحدود على الأقل. - لم يعد هذا مقنعا في عصر الثورات الجذرية، عصر العلم، وقد تبوأ العلم العرش، فوجد الفنان نفسه ضمن الحاشية المنبوذة الجاهلة، وكم ود أن يقتحم الحقائق الكبرى، ولكن أعياه العجز والجهل. وحز في نفسه فقدان عرشه فانقلب «غاضبا» أو «عدوا للرواية» أو «لا معقولا». ولما استحوذ العلماء على الإعجاب بمعادلاتهم غير المفهومة نزع الفنانون المنهارون إلى سرقة الإعجاب باستحداث آثار شاذة مبهمة غريبة، وأنت إن لم تستطع أن تستلفت أنظار الناس بالتفكير العميق الطويل، فقد تستطيعه بأن تجري في ميدان الأوبرا عاريا.
ولأول مرة يضحك عثمان عاليا، واستطرد مصطفى: ولذلك اخترت أبسط الطرق وأصدقها، وهو أن أكون مسليا.
अज्ञात पृष्ठ