فقال مصطفى: أو أنه يبحث عن معنى لوجوده. - عندما نعي مسئوليتنا حيال الملايين؛ فإننا لا نجد معنى للبحث عن معنى ذواتنا.
فتساءل عمر مضجرا: ترى هل تموت الأسئلة إذا قامت دولة الملايين؟ - ولكنها لم تقم بعد!
ونقل عينيه بينهما، ثم قال: والعلماء يبحثون عن سر الحياة والموت بالعلم لا بالمرض. - وإذا لم أكن من العلماء؟ - فلا أقل من ألا تثير في وجوه العاملين غبار النواح والولولة.
فقال مصطفى: إنك تقذف بألفاظ مدببة، على حين يعاني صديقنا ألما حقيقيا. - أنا آسف، وأخشى أن أظل آسفا إلى الأبد.
وتساءل عمر: ولكن ألا يسعفنا القلب، إن فاتنا أن نكون من العلماء؟ - القلب مضخة تعمل بواسطة الشرايين والأوردة، ومن الخرافة أن نتصوره وسيلة إلى الحقيقة، والحق أني أقترب من فهمك، فأنت تتطلع إلى نشوة، وربما إلى ما يسمى بالحقيقة المطلقة، ولكنك لا تملك وسيلة ناجحة للبحث، فتلوذ بالقلب كصخرة نجاة أخيرة، ولكنه مجرد صخرة، وسوف تتقهقر بك إلى ما وراء التاريخ، وبذلك يضيع عمرك هدرا، حتى عمري الذي ضاع وراء الأسوار لم يضع هدرا، ولكن عمرك أنت سيضيع هدرا، ولن تبلغ أي حقيقة جديرة بهذا الاسم إلا بالعقل، والعلم، والعمل.
لم يشهد الفجر في الصحراء. لم يشعر بالنشوة التي تحقق اليقين بلا حاجة إلى دليل. لم تطرح الدنيا تحت قدميه حفنة من تراب.
وقال مصطفى: إني مؤمن بالعلم والعقل، ولكن بين يدي الآن قصيدة كتبها عمر في الفترة الأخيرة قبل أن ينبذ الشعر نهائيا، وهي تقطع بثورته على العقل.
فقال عثمان وهو يتمالك أعصابه: يسرني أن أسمعها.
هم عمر بالاعتراض، ولكن مصطفى بسط ورقة استخرجها من جيبه، وراح يقرأ:
لأنني لم ألعب في الهواء،
अज्ञात पृष्ठ