فرفع كأس الشمبانيا قائلا: في صحة اهتمام دائم.
ولمح على البعد يازبك في وقفة مراقبة فخيمة، فتبادلا ابتسامة، ثم وضع راحته على يد وردة وهو يقول: إني مدين له حقا. - هو خفيف، وطيب بالقياس إلى أمثاله، ولكنه جشع كالمنتظر. - ولكنني زبون شمبانيا.
فقطبت بلطف قرن بين حاجبيها، وقالت: من الإسراف أن تجيء كل ليلة.
فتورد وجهه بهجة، وتمتم: يا لها من تحية بيضاء!
وهي تحاصره بعينيها: ألم يشهد بذلك الهرم؟ - بلى يا عزيزتي، وهو من ناحيتي ليس اهتماما كما قلت ولكنه ...
فأسكتته بضغطة على يده، وقالت: لا تسمه، دعه يسمي نفسه فهذا أجمل. - أنت ظريفة لحد الجنون. - ولا ثقة لي في الكلام؛ إذ إنني في الأصل ممثلة. - وسيدة بكل معنى الكلمة. - شكرا، ولكن الفن سيئ السمعة عند الكثيرين، ولذلك انفصلت عن أهلي، ومن حسن الحظ أنه لا أب لي ولا أخ.
فتفكر لحظة، ثم قال: التمثيل بلا شك أفضل من الرقص في كابري. - لم أحبه كما يجب، وقيل لي إنني بلا موهبة، وعشقت الرقص طوال الوقت، فكانت كابري، وكان ما لا بد منه.
فقال بحرارة: ولكن لك قلب من ذهب. - لم أسمع ذلك من قبل.
وكلف أكثر من رجل بالقيام بعمل في تجهيز الشقة الجديدة. الأثاث، والديكورات، والبار، والتحف. وفي أقصر مدة ممكنة تكونت على أجمل صورة: حجرات للنوم، والسفرة، والمدخل، وحجرة شرقية تحيي في الخيال أحلام ألف ليلة. وأنفق بلا حساب، وكأنه يتخلص من ورم مالي أليم. وراح يتابع عيني مصطفى المنياوي، وهما تجولان في الأركان ذاهلتين، وعندما سددهما نحوه قال: خير من اللوم أن تحدثني عن معنى الحياة. - الحياة! - سأدق الجدار الأصم في كل موضع، حتى يرن صوت أجوف يشي بالكنز المدفون.
فهز مصطفى منكبيه في تسليم قائلا: من الجنون ما هو جميل. - لم أعرف للحياة طعما كما عرفتها في الأيام الأخيرة، ولذلك لا أبالي شيئا.
अज्ञात पृष्ठ