أطفأ المصباح، واستلقى مغمض العينين. لن تلبث أولى حركات الصباح أن تسمع، ودموع ولا شك تسفح إلى جانبي، على حين ترقد الخيانة مدفونة كحشرة. وما هي إلا لحظات حتى يموت الوجود. مقطوعة من شجرة، لم يعد لها أحد سواك. يا للعجب من أين لك هذا التصميم كله؟! ونشوة الليلة مجنونة كالبرق، فكيف تملأ فراغ الحياة؟!
ويوم الجمعة سعى إلى بثينة في الشرفة وهي تسقي أصص الورد. طالعها بابتسامة مرتبكة؛ فوثبت نحوه مرحبة، وأولته خدها ليلثمه. ورغم إشراقها لمح في نظرتها المتهربة عتابا كالعبير الواني. - أوحشتني جدا.
فعض باطن شفته، وقال: آسف جدا، ولكنني مصمم على الشفاء، وبحاجة إلى سماحة تفهمني.
وعادت إلى أصص الورد، فسألها: هل أنت بخير؟ - نعم.
ثم بعد تردد قالت: ماما ليست كذلك. - لها حق، ولكن سيتغير كل شيء بالسماحة الواجبة.
فأشارت إلى ياسمينة لا تكاد ترى، وقالت بفرح: أول ياسمينة، صغيرة جدا ولكن رائحتها قوية، هل أقطفها لك؟
9
ما أغرب الذهاب كل يوم إلى المكتب! مكان غريب لا معنى له، فمتى توجد الشجاعة الكافية لإغلاقه؟ وقال له الوكيل: كل يوم اعتذار عن قضية، ألم تسمع عما تعانيه المهنة؟ وكدت أصبح بلا نشاط.
وغيره يتحمل عبء العمل في الواقع، وهو بالكاد يوجه أو يراجع. وتحدق فيه من الجدران أعين قاتمة، والهواء راكد عفن. وفي الخارج استغرقه إحساس خلاق لتجهيز الشقة الجديدة بميدان سليمان باشا، وقال لوردة: إني سعيد بتجهيز عشنا، فإن الهرم لن يصلح للشتاء.
فتساءلت وهي ترقص بكتفيها مع أنغام الجاز تحت تكعيبة كابري: وهل يدوم اهتمامك بي حتى الشتاء؟
अज्ञात पृष्ठ