منهما الثانية، وهي اندراج الأصغر في الأكبر، فإنه قام الدليل عندنا على الاندراج في مثل ذلك، ولم يقم الدليل عندنا على أن ما أوجب أعظم الأثرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه.
فإن قلت: أيما أقوى: القول بقتل الزنديق أو الساب إذا تاب؟
قلت: القاتل للزنديق يزعم أنه كافر ويتهمه في الإسلام، فلا يخالف قوله ﷺ: "لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث .. "، وأما القاتل للساب التائب مع صحة إسلامه فمخالف لهذا الحديث.
والحاصل أن هذا قبل السب مجمع على عصمة دمه، وبعد السب قبل التوبة مجمع على إهداره، وبعد التوبة مختلف فيه، وليس زانيًا ولا قاتلًا ولا كافرًا، فلا يقتل للحديث المذكور إلا أن يثبت تخصيصه بنص صحيح.
فإن قلت: أجمعنا على قتله قبل التوبة، فمن ادعى سقوطه القتل بالتوبة فعليه الدليل ..
قلت: قد أقمناه، وهو الحديث المذكور، فإنه مسلم غير زان ولا قاتل.
فإن قلت: هذا الحديث يقتضي أنه لا يقتل إلا بإحدى ثلاث: الزنا، أو الكفر، أو القتل، فقتل الساب قبل التوبة إن كان حدًا فقد خالفتم الحديث، وإن كان كفرًا فقد قدمتم خلافه!
قلت: الساب كافر بعد إيمان، ولفظ الحديث: "لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس
1 / 186