بغير نفس"، المراد بالمسلم من تقدم منه الإسلام حتى يصح أن يستثنى منه من كفر بعد إيمان، والسب كفر بعد إيمان، فدخل في الحديث.
يبقى أن يُقال: السب فيه جهتان، إحداهما: خصوصه، والأخرى: عموم كونه كفرًا بعد/ إيمان، والحديث يقتضي أن هذه الجهة هي العلة، فلا يكون خصوص السب علة، وقد قدمنا أنه علة، فنقول وبالله التوفيق:
إن بين السب والكفر عمومًا وخصوصًا من وجه، لأن السب قد يقع من الكافر الأصلي، وذلك زيادة على الكفر لا إنشاء كفرٍ، وقد يقع ممن كان مسلمًا، وذلك إنشاء كفرٍ، وبين السب والكفر بعد الإيمان عموم وخصوص مطلق، فكل سب بعد الإيمان كفر، وليس كل كفر بعد الإيمان سبًا.
ولما كان مورد الحديث النبوي - الذي أوتي قائله جوامع الكلم - في المسلم أتى بالأعم ليشمل السب وغيره مما هو كفر بعد إيمان، واقتصر في التعليل على المعنى الأعم، وفيه لطيفه وفائدة:
أما اللطيفة: فالأدب مع جانب الربوبية والإعراض عن خصوص حقه، وهو كما صح أنه لم ينتقم لنفسه إنما ينتقم لله.
وأما الفائدة: فالسقوط بالإسلام، ولا ينافي ذلك أن القتل قبله حد، كما يسمى قتل المرتد حدًا، والنزاع في ذلك لفظي، وبحث فيما سبق.
وقولنا: "إن خصوص السب عله" أردنا به ما يشمل السب بعد الإيمان وقبله، حتى ننتفع بذلك الاستدلال في سب الذمي والمعاهد كما سيأتي.
1 / 187