* الإسلام دين العمران بريء من تبعة الانحطاط
* الذي عليه المسلمون الان
* وتاريخ سلفهم المعمرين حجة على خلفهم المخربين
ولما كان يستحيل أن تسوء الإدارة في الداخل بدون أن يستأسد العدو من الخارج ، لأن الأمم المتجاورة بعضها لبعض بالمرصاد ، يهتبل الغرة ، ويقتحم العورة ، لم يلبث ظلم الأمراء بتساهل العلماء ، وما نشأ عن ذلك من اضطراب الدهماء أن أحدث الأثر المنتظر ، وأتى بالنتيجة البديهية من امتداد يد الغريب ، وطمعه في ممالك المسلمين ، واقتطاعه العالم الإسلامي قطرا بعد قطر ، وضربه على المسلمين الذل والمسكنة ، بعد أن كانوا سادة الأرض وحلفاء النصر ، وما أحس قول شوقي في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم :
أقطعتهم غرر البلاد فضيعوا
وغدوا وهم في أرضهم غرباء
لم يخسر المسلمون بلدانهم فقط ، وما تسلط عليها الأجنبي ، وأخذ كل ما فيها أخذ عزيز مقتدر فحسب ، بل خسروا في نظر الناس حقائقهم وفضائلهم ، ومعاليهم وأحسابهم وآدابهم ، وصار الناس يمارون في مآثرهم السوابق ، ومعاليهم السوامق ، ويجادلون في صحة نظرياتهم الاجتماعية ، ويرونهم من أبعد الخلق عن العمران ، وينسبون ذلك إلى الدين الإسلامي وإلى القرآن ، وإلى التوحيد ، وإلى عقيدة القضاء والقدر ، وإلى غير ذلك من الأسباب التي يعلمها من له ألفة بكتب الإفرنج ، أو من يجالس الناشئة الحاضرة في الشرق.
पृष्ठ 98