** إلى رمها. لا يهمهم حفظ الماضي على حاله ، فضلا عن أن يبدأوا
مآثر ، ويفترعوا مفاخر ، بل دأبهم في ولاية أمور المسلمين كما جاء في المثل العامي «يأكلون الخضراء ، ويقطعون اليابسة» ، وكأنما أورثهم الله خراج المسلمين لينفقوه في السرف والسفه ، ولذات الكروش والفروج ، كأنما هو تراث آبائهم وأجدادهم ، بل لو كان تراث آبائهم وأجدادهم ما ساغ لهم ذلك فيه ، ولمنعهم القضاة العادلون عن هذا السفه ، ولكن أين القضاة العادلون وأين العلماء العاملون ، الذين يقولون الحق في وجه الملوك ، ويخاطرون بأنفسهم ومصالحهم لأجل نصح الأمة!؟
** فو الله ما أفسد أمر الإسلام إلا أمراؤه إلا من رحم ربك وما
أفسد هؤلاء الأمراء إلا العلماء الذين أخذت عليهم المواثيق بأن لا يقاروا على معصية ، ولا يواطئوا على معرة
** فكانوا يقارون على المعاصي ، ويتزلفون إلى الأمراء بالأباطيل ،
ويفتون لهم بتأويل النصوص الشرعية بغير معناها الحقيقي ، ويسهلون لهم الموبقات بأجمعها ، والمرديات بحذافيرها ، طمعا في الدنيا الفانية ، والمطاعم الوبيئة الذاهبة.
** وهكذا تحول أمر هذه الأمة من العظمة إلى الصغار ، ومن التمكن
في الأرض إلى البوار ، ومن المآثر والمباني إلى الدمار ، ومن أحاديث المعالي إلى أقاصيص العار والشنار
पृष्ठ 97