ونحن في الطائف أن الهدا سقيت وأغيثت ورجعت إليها روحها.
وليس في الحجاز أوحى (1) من أخبار المطر ، فهي لشدة غزارة القطر تسري من واد إلى واد ، ومن نجع إلى نجع بسرعة اللاسلكي ، وتراهم من شدة ترقبهم للأمطار يعرفون من مواقعها بمجرد النظر ما لا نعرفه نحن في بلادنا ، فإذا تلبدت السحب في أفق من الآفاق ، أو قصف رعد ، أو أومض برق ، قالوا لك : هذا في أرض عسير ، أو في بلاد ثمالة ، أو في الشفا ، أو في بلاد هذيل ، وهلم جرا ، وقد تكون المسافة ساعات بل أياما وتجدهم يخمنون ويصيبون.
بالجملة سكان البوادي أقرب إلى الطبيعة الفجة ، وآلف لها ، وأعرف بالسحب ومساقط الغيث ، وبالأرض وأنواعها ، والتراب وخواصه وروائحه ، والنبات وحياته ، والنجوم ومطالعها ومغاربها ، وما أشبه ذلك من سكان الحواضر (2).
* * *
والحقيقة أن المتنبي لقب بهذا اللقب وهو صغير ، بسبب ترفعه وتكبره على أقرانه ، فهو مأخوذ من النبوة ، وهي المرتفع من الأرض ، لا من النبوة ، ولما لازمه هذا اللقب ركب خصومه عليه قصة ادعاء النبوة ، وجعلوها علة للقبه ، فاللقب سابق في التاريخ لدعوى النبوة المزعومة].
पृष्ठ 76