217

فإن سماع النفس لا يأتي بعلم البتة وسماع العقل لا تكون معه حركة فمن جمع بين الحركة والعلم فهو كاذب جاهل بالحقائق انتهى الغرض منه فقس هذا الكلام على أهل زمانك تر العجب العجاب والله يلهمنا الصواب ويعصمنا من الزلل ويوفقنا لصالح القول والعمل.

قال الشيخ أبو القاسم القشيري سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق رحمه الله تعالى يقول السماع حرام على العوم لبقاء نفوسهم مباح للزهاد لحصول مجاهدتهم مستحب لأصحابنا لحياة قلوبهم انتهى.

قلت وإلى هذا الكلام والله اعلم يشير صاحب نظم المباحث الأصلية حيث يقول :

وإنما أبيح للزهاد

وندبه إلى الشيوخ باد

قال الإمام زروق أما أباحته للزهاد الذين لا أرب لهم في الشهوات المستلذات ولم يبلغوا مرتبة التحقيق والذوق فانه لا يضرهم فيمنع ولا ينفعهم فيندب وأما الشيوخ فانه يثير منهم الحقائق فتنتشر في عوالم الأجسام ثم تتسع في ميادين الحضرة فيكون للحضار منها نصيب لأن من تحقق بحالة لا يخلو حاضروه منها وكل ما أفضى إلى الكمال فهو كمال وأما تحريمه على العوام فمن جهة انه يثير نفوسهم ويحرك شهواتهم وغيرها من الطبائع والعوائد الردية وهذا فيما يحتمل وصور له وفيما يوافق الحق بمعناه من حيث الطباع لأن الشعر من محامد النفس فهو يقويها ما لم تكن ميتة.

وفي ذلك قالوا أن الغناء مرقاة الزنى وانه ينبت النفاق في القلب انتهى قلت وكلام أبي علي الدقاق هذا هو فصل الخطاب والتوسط بين الخطاء والصواب.

पृष्ठ 234