218

ونحوه قول الشبلي وقد سئل عن السماع قال ظاهره فتنة وباطنه عبرة فمن عرف الإشارة حل له استماع العبرة وإلا فقد استدعى الفتنة وتعرض للبلية وقال بعضهم لا يصح السماع إلا لمن كانت له نفس ميتة وقلبه حي فنفسه ذبحت بسيوف المجاهدة وقلبه حي بنور الموافقة.

واتفقوا انه لا بد للسماع من زمان ومكان وإخوان ولذلك قيل للجنيد رضي الله عنه ما لك لا تسمع فقال ممن قيل من الله فقال ومع من وقولوا السماع على قسمين سماع بشرط العلم والصحو فمن شرط صاحبه معرفة الأسامي والصفات وإلا وقع في الكفر المحض وسماع بشرط الحال فمن شرط سامعه الفناء عن أحوال البشرية والتنقي عن آثار الحظوظ بظهور أحكام الحقيقة وهذا والله اعلم هو في سماع الأشعار المشتملة على الأوصاف الصالحة لأهل النفوس ولأهل الأرواح قد علم كل أناس مشربهم كسماع أبي الحسن في الطريق قول القائل :

رأى المجنون في البيداء كلبا

الأبيات والقصة

وأما الأشعار الوعظية المشتملة على التذكير بالله تعالى والترغيب فيما عنده والتنفير عن الدنيا والتحضيض على التقوى فهي سليمة الجناب تصلح للعوام والعباد والزهاد وبالجملة فالسماع ورطة لأهل النفوس والشهوات وروضة لأهل الفهم عن الله تعالى وهؤلاء يسمعون من كل شيء ولا يتوقف سماعهم على طيب النغم كما تقدم عن صاحب التدبيرات ويشهد له حكاية يا ستعر بري وما فهم منه كل من الثلاثة المذكورين في حكاية أنظرها في لطائف المنن انتهى.

أقول وحاصل معناه أن شخصا نادى آخر يبيع السعتر البري فالمريد فهم أسع تر بري والسالك فهم الساعة ترى بري والواصل فهم ما أوسع بري فكل قد فهم بحسب مقامه وشربه قد علم كل أناس مشربهم فالمريد مأمور بالعمل ليرى

पृष्ठ 235