وبعد البعثة بسنتين فى ليلة الأحد السابع والعشرين من رجب مضى الرسول للمعراج من بيت أم هانئ، يقول عبد الله بن عباس: كان ليلة الثامن من رمضان، ويقول البعض: كان ليلة الإثنين من شهر ربيع الأول، وتوفيت خديجة بعد ذلك بخمسة أعوام فى يوم الجمعة الثامن من شهر رمضان وكان عمرها خمسة وستين عاما، وعاشت مع النبى (صلى الله عليه وسلم) أربعة وعشرين عاما، ومات أبو طالب قبل خديجة بثلاثة أيام، وأقام الرسول (عليه السلام) ستة أعوام أخرى فى مكة فى خوف ومشقة.
بيعة الأنصار: كان قوم يأتون إلى مكة فى موسم الحج من المدينة كل عام، وكان النبى جريا على عادته يتوجه إلى القبائل العربية ويدعوهم، وكان يأتى إليهم فى جمرة العقبة وقال لهم: أى أناس أنتم؟، قالوا: نحن من الخزرج وقادمون من المدينة، فدعاهم الرسول (عليه السلام) وقرأ عليهم القرآن، وكانوا قد سمعوا من أخبار اليهود أن ظهور نبى آخر الزمان قريب، وقرأوا صفته فى التوراة، فآمن ستة منهم: أسعد بن زرارة وعوف بن حارثة بن رفاعة وأخوه معاذ ورافع بن مالك وثعلبة بن عامر بن ربيعة وعتبة بن عامر، ولما عادوا إلى المدينة حكوا لقومهم أخبار النبى (عليه السلام) مع قومه، ورغبوهم فى الإسلام، وقدم فى العام التالى اثنا عشر شخصا إلى حضرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حيث وصل الستة السابقون ومعهم وكر بن قيس بن خلدة وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة وعباس بن نضلة وأبو الهشم بن الشيخان وعودة بن ساعدة فى جمرة العقبة إلى حضرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وآمنوا به وبايعوه، وكانت تلك أول بيعة فى الإسلام، ولم يكن فى هذه البيعة شرط الحرب لأن آية القتال لم تكن قد نزلت بعد وكانت شروط هذه البيعة ستة أشياء: أولها ألا يشركوا بالله أحدا، وألا يسرقوا وألا يحللوا الزنا، وألا يئدوا الأبناء كما كانت عادة العرب، وألا يكذبوا، وأن يطيعوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) وألا يخالفوه، ويضمن لهم النبى (صلى الله عليه وسلم) جنة الخلد فى يوم القيامة ماداموا يوفون بهذه الشروط، وبين لهم أن كل من يخالف هذه الشروط إذا ما وصل إلى سمعه أن هذا حد الشرع، فإنه يطبق عليه هذا الحد، ومن لم يصل لسمعه هذا وخفى عنه أن يعلم حكم الله تعالى، إذا شاء غفر وإذا شاء عاقب، وراوى هذا الخبر عبادة بن الصامت.
पृष्ठ 98