ولما بايعوه هذه البيعة وفرغوا من الحج، أمرهم الرسول (عليه السلام) أن يمضوا إلى المدينة وأرسل معهم مصعب بن عمير ليعلمهم القرآن وأحكام الشريعة، ولهذا السبب يسمون مصعب مقرئ المدينة، وبعد هذا مضى كل من أسعد بن زرارة ومصعب إلى قبيلة بنى أشهل وكان رؤساؤها سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ودعواهما، وفى اليوم نفسه آمنت القبيلة كلها من رجل وامرأة.
يقول محمد بن إسحاق: لما حل موسم الحج، وأراد مصعب أن يعود إلى مكة، كان ثلاثة وسبعون رجلا قد أسلموا، وكان قد قصد النبى (صلى الله عليه وسلم) مع مصعب عظماء ورؤساء أقوامهم ومضوا وبايعوه ليأتوا بالنبى إلى المدينة، ولما وصلوا مكة، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمصعب: بعد أن يفرغوا من مناسك الحج، وفى الليلة الثانية من أيام التشريق أحضروهم فى جمرة العقبة من أجل البيعة، إذ إن أهل مكة لا يعرفون أن مصعب لم يفعل هذا، فمضى النبى (عليه السلام) مع عمه العباس إلى هناك، ولم يكن العباس قد دخل الإسلام بعد، ولكنه كان غاية فى الشفقة والرحمة على النبى (عليه السلام)، واعتمد عليه بعد أبو طالب، وكان يعمل الأعمال بمشورته، وفى البداية نصحهم العباس كثيرا فى شأن النبى (عليه السلام)، وبعد ذلك خطبهم الرسول (عليه السلام) ووعظهم، فدخلوا جميعا مرة واحدة وبايعوه، فقال النبى (عليه السلام) اختاروا من بينكم اثنى عشر نقيبا فاختاروا تسعة نقباء من الخزرج وثلاثة من الأوس وهؤلاء التسعة هم أسعد بن زرارة وأسد بن الربيع وعبد الله بن رواحة ورافع بن مالك بن عجلان والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام وعبادة بن الصامت والمنذر بن عمرو، والثلاثة هم أسيد بن حصير وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر، ثم قال لهم النبى (عليه السلام): من يكفلنى على هذه البيعة كما كفل الحواريون عيسى (عليه السلام)؟، فقالوا: نعم يا رسول الله، فقال لهم: وأنا كفيلكم أيضا.
هجرة المكيين من الصحابة:
पृष्ठ 99