ولما بلغ محمد (صلى الله عليه وسلم) الأربعين من عمره، فى يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رجب بعد بناء الكعبة بخمسة أعوام بالتمام، نزل عليه الوحى، وأول سورة من القرآن جاء جبريل بها كانت سورة (اقرأ) على جبل حراء وآخر آية واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 6 وخوطب بالرسالة فى يوم الإثنين، وكانت بعثته فى العام العشرين بعد ملك خسرو برويز، وكان أول شخص تبعه وآمن به عمرو بن عنبة بن عامر السلمى، وكانت خديجة بعد ذلك، وبعد ذلك على وهو فى العاشرة، وبعد ذلك زيد بن حارثة غلام خديجة الذى وهبته لسيده وأعتقه سيده، وبعد ذلك أبو بكر الصديق، وبعده عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وهؤلاء الخمسة آمنوا بالنبى مرة واحدة، وبعدهم أبو عبيدة بن الجراح، وبعده أبو سلمة بن عبد الأسد، وبعده الأرقم بن الأرقم، وبعده عثمان بن مظعون، وبعده أبو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وبعده سعيد بن زيد بن عمر بن نوفل، وبعده أخت عمر بن الخطاب فاطمة، وبعدها أسماء بنت أبى بكر، وبعدها عائشة الصديقة، وبعدها خباب بن الأرت، وبعده عمير بن أبى وقاص، وبعده عبد الله بن مسعود، وبعده مسعود بن العارى، وبعده سليط بن عمر، وبعده ربيعة بن المغيرة، وبعده أسماء بنت سلامة، وبعدها خنيس بن حذافة، وبعده عامر بن ربيعة، وبعده عبد الله بن جحش، وبعده جعفر بن أبى طالب، وبعده زوجته أسماء بنت عميس، وبعدها الحاطب بن الحارث، وبعده زوجته فاطمة بنت المخلد، وبعدها خطاب بن الحارث، وبعده فكيمة بنت اليسار، وبعدها معمر بن الحارث، وبعده سايب بن عثمان بن مظعون، وبعده مطلب بن أزهر، وبعده رملة بنت أبى عوف، وبعدها سحام بن نعيم بن عبد الله، وبعده عمر بن الخطاب، وبعده عامر بن فهيرة، وبعده خالد بن سعيد وبعده آمنة بنت خلف، وبعدها حاطب بن عمرو، وبعده أبو حذيفة، وبعده عتبة بن ربيعة، وبعده واقد بن عبد الله، وبعده خالد وعامر وعاقل وإياس أبناء نكير بن عبد اليد، وبعدهم عمار بن ياسر، وبعده صهيب الرومى.
وهؤلاء جاء الواحد منهم بعد الآخر، وبعد ذلك كان يؤمن كل اثنين أو ثلاثة معا إلى أن ظهر الإسلام فى مكة، ومضى على تلك الدعوة ثلاثة أعوام، فأنزل الحق تعالى هذه الآية: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين 7.
ولما نزلت هذه الآية دعا الرسول (صلى الله عليه وسلم وأهله) الخلق فى العلن، وكان يجلس مع أصحابه علانية.
كان سعد بن أبى وقاص يصلى ذات يوم مع جماعة من أصحابه، فقدم عليهم جماعة من قريش، وبدأوا فى الشجار ودخلوا فى الحرب، فوجد سعد بن أبى وقاص عظم جمل فأخذها وضرب بها على رأس الكافر، وكسر رأسه وسال الدم منه وانهزموا، وكان هو أول من جرح عدوا فى الإسلام وأسال دمهم، وبعد ذلك كان النبى (صلى الله عليه وسلم) واقفا ذات يوم على جبل الصفا، فمر عليه أبو جهل وسبه كثيرا فتحمل النبى، فشاهدت امرأة هذا من بعيد، وقدم حمزة فجأة من الصيد ومعه السلاح، فقصت المرأة عليه هذا الخبر، فاشتد غضب حمزة ومضى فى إثر أبى جهل، فوجده فى وسط جمع من قريش، فضرب رأسه بقوس وكسر رأسه وسال دمه وقال: أأنت الذى سببت ابن عمى؟، انهض لتفعل ما تستطيع، لقد تركت دين قريش ودخلت فى دين محمد، وكان هناك جماعة من بنى مخزوم من أقارب أبى جهل أرادوا أن يحاربوا حمزة، فمنعهم أبو جهل ، وجاء معتذرا وقال: الذنب ذنبى، وقدم حمزة على الرسول وآمن وقوى الإسلام، وضاق صدر قريش على أنه لا يوجد من كان أشجع منه، وكانوا يخشونه جميعا.
पृष्ठ 97