============================================================
الكاية الحادية والثلاثون عن ذى النون المصرى ايضا رضى الله عنه: قال بلغنى أن بجبل المقطم جارية متعبدة فأحببت لقاءها فخرجت إلى المقطم أطلبها فلم أجدها فلقيت جماعة من المتعبدين فسالتهم عنها فقالوا تترك العقلاء وتسأل عن المجانين فقلت دلونى عليها وإن كانت مجنونة قالوا هى فى الوادى الفلانى فذهبت إلى الوادى فلما أشرفت عليها سمعت صوتا حزينا وهو يقول : يا ذا الذى أنس الفؤاد بذكره أنت الذى مسا إن سسواك أريد قال فاتبعت الصوت فإذا بجسارية جالسة على صغرة عظيمة قسلمت عليها فردت على السلام وقالت يا ذا التون مالك وللمجانين تطلبهم فقلت لها وأنت مجنوتة فقالت لو لم اكن مجنونة ما نودى على بالجنون فقلت لها ما الذى جننك قالت يسا ذا النون (حبه جننى وشوقه هيمنى ووجده أقلقنى) لأن الحب فى القلب والشوق فى الفؤاد والوجد فى السر فقلت يا جارية الفؤاد غير القلب فقالت نعم الفؤاد نور القلب والسر نور الفؤاد فالقلب يحب والفؤاد يشتاق والسر يجد قلت وما يجد قالت يجد الحق قلت وكيف يجد الحق قالت يا ذا النون وجدان الحق بلا كيف ثم انشات تقول : ان كنت بالوجد موجودا فلا وجدت نفى وجودك إلا بعد موجودى فقلت يا جارية ما صدق وجدانك للحق فبكت بكاء شديدا حتى كادت نفسها تفيض ثم غشى عليها فلما أفاقت نادت تقول أواه أواه منك ثم أنشأت تقول : ردى به وچد برچد وچوده ووجد وجود الواجدين لهيب لين مت حقا فى محسبة سيدى نان المنايا فى الفؤاد تطيب ثم صاحت صيحة وقسالت هكذا يموت الصادقون وغشى عليها ساعة فحركتها فإذا هى ميتة فطلبت شيئا أحفر لها به قبرا فإذا هى قد غيبت عنى فلم أجدها رحمة الله عليها.
المكاية الثانية والثلاثون عن الفضيل بن عياض رضى الله عنه : قال مكثت فى جامع الكوفة ثلاثة أيام لم أطعم طعاما ولم أشرب شرابا فلما كان فى اليوم الرابع هزلنى الجوع فبينما أنا جالس إذ دخل على من باب المسجد رجل مجنون وييده حجر كبير وفى عنقه غل ثقيل والصبيان من ورائه فجعل يجول فى المسبد حتى إذا حاذانى جعل يتفرس فى ففزعت فى نفسى منه فقلت الهى وسيدى أجعتنى وسلطت على من يقتلنى فالتفت إلى وقال :
पृष्ठ 63