فإذا اتقيت الله عز وجل فيها، من طلوع الشمس إلى غروبها، ومن غروبها إلى طلوعها ، حياء من الله عز وجل المطلع عليك ، العالم بما تتحرك به، وهو سبحانه فوق عرشه، وفوق سبع سماواته، يراك ويعلم سرك ونجواك، وقد أمرك على لسان نبيك ونهاك، والملكان يحفظان عليك ما تصنعه في عمرك، ويكتبانه في الصحائف، فتوافي في يوم القيامة في الموقف، فتنشر عليك تلك الصحائف فيها الأعمال، ثم توزن تلك الأعمال، فتجازى ، فمتى اتقيت الله - كما وصفت لك - كنت حافظا لذلك العهد الذي عاهدت ربك عز وجل به، وكنت من المتقين، قال الله تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين).
واعلم أن الاشتغال بما وصفت لك ، من إقامة حق التقوى والاستعداد للموت والآخرة، ولقاء الله عز وجل، وإصلاح الأوقات والأعمال، رجاء لقاء الله الحق، بوجه أبيض، وهو راض، في شغل شاغل عن قيل وقال، وتضييع الزمان بما يكتبه عليك الحفظة، ويعود عليك غبه في الآخرة، فاستعن بالله عز وجل وأقبل على آخرتك وعلى ما ينفعك غدا، فإنك - والله ثم والله - تعرض على الله ويسألك عن أعمالك، فاستعد للمسألة جوابا، وشد مئزرك، وانهض نهضة الأكياس المطيعين، ودع عنك ما اشتغل به الناس في زمانك من اشتغال البعض بالبعض، وصرف الزمان في: كان، وصار، وتم وجرى، وأقبل على ما ينفعك غدا.
قال الله تعالى: (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس حفاة عراة غرلا، وفي حديث آخر:
पृष्ठ 29