नेपोलियन बोनापार्ट इन मिस्र
نابوليون بونابارت في مصر
शैलियों
وكان أول ما فكر فيه نابوليون هو تحصين ثغر الإسكندرية اتقاء البوارج الإنكليزية، فأصدر أمره للضابط كريتين
Cretin
أحد رؤساء الفرق الهندسة، فقام بذلك الأمر خير قيام، وأظهر من المهارة والعلم، ما جعل نابوليون يطريه إطراء عاليا في مذكراته، التي كتبها بعد ذلك بسنين طوال.
وأخذ يستعد نابوليون للسير بجيشه لفتح مصر، والقضاء على المماليك فكان أول ما فكر فيه، طبع منشور باللغة العربية، كتبه هو بنفسه بالفرنسية، كما أيد ذلك الثقاة، وعربه بلغة ركيكة غير مضبوطة، وليست منطبقة على الأصل الفرنسي تماما، بعض المستشرقين والتراجمة الذين أحضرهم معه، وطبع هذا المنشور في المطبعة العربية التي أحضرها وتاريخه 2 يوليو سنة 1798، الموافق 18 محرم سنة 1213 و14 ميسودور سنة 6 للجمهورية الفرنسية، ونحن مضطرون إلى أن نأتي على نص هذا المنشور بحروفه، وتعبيراته الشاذة الركيكة، كما نقله الجبرتي، واعتمد عليه المؤرخون الحديثون، ثم نعقب عليه ببيان الفوارق بين الأصل الفرنسي وترجمته: قال الشيخ الجبرتي: «وقد كان الفرنسيس حين حلولهم بالإسكندرية كتبوا مرسوما وطبعوه وأرسلوا منه نسخا إلى البلاد التي يقدمون عليها، تطمينا لهم، ووصل هذا المكتوب مع جملة من الأساري الذين وجدوهم بمالطة، وحضروا صحبتهم، وحضر منهم جملة إلى بولاق ومعهم منه عدة نسخ، ومنهم مغاربة، ومنهم جواسيس، وهم على شكلهم من كفار مالطة، ويعرفون باللغات، وهذه صورة المكتوب:
بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك له في ملكه
من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية والسر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابرته ... يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمن مديد، الصناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية، ويظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي فحضر الآن ساعة عقوبتهم، وأخرنا من مدة طويلة هذه الزمرة المماليك المجاوبين من بلاد الإبازة والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن الأحسن الذي لا يوجد في كره الأرض كلها، فأما رب العالمين القادر على كل شيء، فإنه قد حكم على انقضاء دولتهم، يا أيها المصريون قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا القطر إلا بقصد إزالة دينكم، فذلك كذب صريح فلا تصدقوه وقولوا للمفترين إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى، واحترم نبيه والقرآن العظيم، وقولوا أيضا لهم إن جميع الناس متساوون عند الله، وإن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط، وبين المماليك والعقل والفضائل تضارب، فماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم ويختصوا بكل شيء أحسن فيها من الجواري الحسان، والخيل العتاق، والمساكن المفرحة! فإن كانت الأرض المصرية التزاما للمماليك فليرونا الحجة التي كتبها الله لهم، ولكن رب العالمين رءوف وعادل حكيم، ولكن بعونه تعالى من الآن فصاعدا لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية، وعن اكتساب المراتب العالية، فالعلماء والفضلاء منهم سيديرون الأمور وبذلك يصلح حال الأمة كلها، وسابقا كان في الأراضي المصرية المدن العظيمة، والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر، وما أزال ذلك كله إلا الظلم والطمع من المماليك.
أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجربجية، وأعيان البلد، قولوا لأمتكم إن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا كرسي البابا الذي كان دائما يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكوالليرية
10
الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين، ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه، أدام الله ملكه، ومع ذلك أن المماليك امتنعوا عن إطاعة السلطان غير ممتثلين لأمره فما أطاعوا أصلا إلا لطمع أنفسهم.
طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيصلح حالهم، وتعلى مراتبهم! طوبى أيضا للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين، فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب، لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا، فلا يجدون بعد ذلك طريقا إلى الخلاص ولا يبقي منهم أثر.
अज्ञात पृष्ठ