وفي الاستذكار لأبي عمر بن عبد البر: خرج قاسم بن أصبغ، أن عمر بلغه أن امراة من قريش تزوجها رجل من ثقيف في عدتها، فأرسل إليها ففرق بينهما وقال: لاينكحها أبدا، وجعل صداقها في بيت المال، وفشا ذلك في الناس، فلما بلغ عليا قال يرحم الله أمير المؤمنين، ما بال الصداق وبيت المال، إذا جهلا فينبغي للإمام أن يردهما إلى السنة. قيل: فما تقول أنت فيها؟، قال لها الصداق بما استحل من فرجها، ويفرق بينهما، ولاجلد عليهما، وتكمل عدتها من الأول، ثم تعتد من الثاني عدة كاملة ثلاثة أقراء، ثم يخطبها إن شاء الله. فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فخطب الناس فقال: "يا أيها الناس، ردوا الجهالات إلى السنة"
وروى الثوري أن عمر جعل لها مهرها، وجعلهما يجتمعان(¬1).
قلت: وإلى نحو من هذا، والله أعلم، أشار القاضي ابن لاشد أنه حكم أولا، ثم انعقد الاجماع بأن ذلك لا يجب. وكذلك في طرح عمر اللبن المغشوش، ولذلك انكره مالك(¬2).
وفي سماع أشهب وابن نافع أيضا من كتاب الحدود: وسئل مالك: أيحرق بيت الخمار الذي يوجد فيه الخمر يبيعها؟، قال: لا قال القاضي ابن رشد رحمه الله: هذا صحيح (18-193/أ) على المعلوم من مذهبه أنه لايرى العقوبات على الجرائم في الأموال، وانما يراها في الابدان(¬3). وقال في سماع أشهب في كتاب السلطان: لايحل ذنب من الذنوب مال أحد من الناس ولو قتل نفسا، وذكر أنه كان في أول الإسلام، ثم نسخ ذلك كله بالإجماع على أنه لايجب، وعادت العقوبات على الجرائم في الأبدان لا في الأموال(¬4).
पृष्ठ 128