فلقد ظفرت من نفسه بالعنبر وعوذته عند تبديل الثلاثة بالواحد الفرد وتأملت بفتور قريحتي نكتة برد الأماني وانعقد لساني بسحر هذا البيان ونفثات تلك المعاني وتيقنت أنه لا يقوى لفهم هذا البرد إلا كل حديد النظر ووجدت تصحيف هذه الكلمة يا شمس الفضائل للعقول فمر وعلمت إن الفكر لا يجاري من بديهيته من بحار الفضل روية وإن الخاطر الذي هو من ضعفة رعايا الأدب لا يقوى على سلطان هذا اللغز لأن شوكته قوية وقلت للذهن رد بعضه لتنهل شرابًا سائغًا وزد تصحيفه ليكون في التعريف بمعناه مبالغًا وتمتعت من ورده الوارد بالشموم ثم تذكرت البعد عن جناب المخدوم فاستقطر البين ماء الورد في حدقي ولمولانا المنة في الصفح عن مقابلة الدر بالسقط وتمر هجر بهذا الحشف الملتقط وله الفضل في إجابة المملوك إلى ما سأله أولًا من الاتحاف بما تيسر من آداب المقر الفخري الوالد نور الله ضريحه وتعاهد بعهاد الرحمة بمنه وكرمه.
ولبعضهم في الورد القحابي:
ووردة جمعت لونين خلتهما ... خدي حبيب وخدي هائم عشقا
تعانقا فبدا واش فراعهما ... فاحمر ذا خجلًا واصفر ذا فرقا
وظرف من قال كأنه وجنة الحبيب وقد نقطها عاشق بدينار انظر إلى هذا وجنة وحبيب ودينار وأين هذا من قول ابن الرومي (مولده سنة إحدى وعشرين ومائتين، ووفاته سنة أربع وثمانين وسبعمائه):
كأنه سرم بغل حين سكرجه ... بعد البراز وباقي الروث في وسطه
ونقلت من خط شيخنا شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن سمنديار الذهبي لنفسه:
إذا الربيع جيشت أزهاره ... فورده ذو الشوكة السلطان
وأنشدني من لفظه لنفسه ارتجالًا الشيخ الأديب الفاضل بقية المتأخرين شمس الدين محمد بن بركة الرئيس فسح الله في مدته:
شاب ورد الرياض من ... ورد خديك وانفرك
فله الناس أثبتوا ... وانتقى الورد للكرك
النرجس قال أبقراط كل شيء يغدو الجسم والنرجس يغدو العقل.
وقال جالينوس من كان له رغيف فليجعل نصفه في النرجس فإنه راع الدماغ والدماغ راعي العقل.
ويروى عن علي كرم الله وجهه أنه قال تشمموا النرجس ولو في اليوم مرة فإنه في القلب داء لا يبرئه إلا شم النرجس.
وقال الحسن بن سهل من أدمن شم النرجس في الشتاء أمن من البرسام في الصيف، وكان كسرى أنوشروان مغرمًا بالنرجس ويقول هو ياقوت اصفر بين در أبيض علي زمرد أخضر.
وقال إني لاستحي أن أباضع في مجلس فيه النرجس لأنه أشبه شيء بالعيون الناظرة، ومن هنا أخذ من قال:
غضى جفونك يا عيون النرجس ... لعسى أفوز بنظرة من مؤنسي
فلقد تحير إذا أراك شواخصًا ... تروينه بلواحظ المتغرس
حتى كأنك لن ترى قمر الدجا ... بين الأحبة طالعًا في مجلس
نادرة: تحدث رجل مع خاطبة في أن تخطب له امرأة يتزوجها فقالت له عندي امرأة كأنها طاقة نرجس فتاقت نفس الرجل إليها فتزوجها فلما زفت إليه وكشف القناع لقي عجوزًا مكمشة الوجه بيضاء الشعر دقيقة الساقين صفراء الوجه مخضرة الساقين بالشعر فلم يقربها وعاد باللوم على الخاطبة وقال لها كذبتيني وغريتيني فقالت له ما كذبتك ولا غررتك وإنما أنت رجل جاهل قلت لك عندي امرأة كأنها طاقة نرجس فرغبت وماهي طاقة النرجس غلا هكذا.
خواصه حار يابس ينفع من سائر أوجاع العصب من برد وكذلك النسرين ويصدع النرجس الرؤوس الحارة وفعلهما أقل من فعل الياسمين وينفعان من وجع الأرحام من برد ويفتح سدد الدماغ وينفع من الصداع البارد الرطب والسوداوي ودهنه ينفع من أوجاع المفاصل. انتهى كلام ابن المحلي في النور.
1 / 45