غرائب من هذا النبات: حكى صاحب نشوار المحاضرة أنه رأى وردًا اصفر واستغرب ذلك وقد رأيناه كثيرًا غلا انه امتاز بكونه عد ورق وردة فكانت ألف ورقة ورأى وردًا أسود حالك اللون له رائحة ذكية ورأى بالبصرة وردة نصفها احمر قاني الحمرة ونصفها الآخر ناصع البياض والورقة التي قد وقع الخط فيها كائنها مقسومة بقلم قال صاحب المباهج وحكى لي بعض أصحابي أنه رأى وردًا بدمشق له وجهان أحد الوجهين أحمر والآخر أبيض لا يشوب أحدهما شيء من الآخر وأخبرت أن بحلب وردًا أحد وجهي الورقة أحمر والآخر اصفر وأما الورد الأزرق فقد حكى لي بعض أصحابي أن رجلًا أخبره أنه رأى أكارًا يجري إلى شجرة الورد ماء مخلوطًا بالنيل قال فسألته عن ذلك فقال إن الورد يكون ازرق بهذا العمل والظاهر من الأسود أنه احتيل عليه كذلك.
وذكر ابن قتيبة أن بالهند شجرًا يخرج وردًا عليه كتابة تقرأ لا إله إلا الله، وحدث أن منقذ لما عاد من المغرب وكان قد توجه إليه رسولًا من صلاح الدين أن في مراكش وردًا كل وردة من الثمانين ورقة إلى المائة ورقة.
الوصف والتشبيه قال بعضهم وصدق:
للورد عندي محل ... ورتبة لاتمل
كل الرياحين جند ... وهو الأمير الأجل
وقال آخر وظرف:
كتب الورد إلينا ... في قراطيس الخدود
يا بني اللهو صلوني ... قد دنا وقت ورودي
ولبعضهم في باكورة ورد:
ودونك يا سيدي وردة ... يذكرك المسك أنفاسها
كعذراء أبصرها مبصر ... فغطت بأكمامها رأسها
وقال علي بن الجهم في صبابته:
لم يضحك الورد إلا حين أعجبه ... حسن الرياض وصوت الطائر المغرد
لا عذب الله غلا من يعذبه ... بمسمع بارد أو صاحب نكد
وفيه لجحظلة:
يعز علي بأن يشمك ساقط ... أو أن تراك نواظر البخلاء
وقال محمد بن عفيف التلمساني:
قامت حروب الدهر ما ... بين الرياض السندسيه
وأتت بأجمعها لتغ؟ ...؟زو روضة الورد الجنيه
لكنها أنكسرت ل ... أن الورد شوكته قويه
وتلطف الشيخ زين الدين بن الوردي في قولاه مويا باسمه:
مهفهف القد إذا ما انثنى ... قال ولا يخشى من الرد
ما أنت حملي يا كثيب اللوى ... ولست يا غصن النقا قدي
لو نلت من خديه تقبيلة ... تزين الريحان بالورد
ما أحقه بقول القائل شاكر نفسه يقرئك السلام.
قلت: أحسن من بيته الثاني ما أنشدنيه من لفظة لنفسه ونقلته من خط المرحوم فخر الدين بن مكانس من أبيات:
اسمران عاين غصن البان ... قال استقم فأنت ذو الوان
يثنيك في الدوح النسيم الواني ... وليس لي في قامتي من ثاني
*فلا تقاسني فلست قدي * رجع وقال أبو الوليد بن الحنان الشاطبي (مولده سنة خمس عشرة وستمائة، ووفاته سنة خمس وسبعين وستمائة):
فوق خد الورد دمع ... من عيون الحب تذرف
برداء الشمس أضحى ... بعد ما شال يحفف
وقال برهان الدين القيراطي:
إن للروح في دمشق لمأوى ... ذا قرار وذا معين وربوه
وبروضاتها بساتين ورد ... لي بأزرارها صبابة عروة
وقال بعضهم وأصاب:
كم وردة تحمى بسيف الورد ... طليعة تشرعت من جند
قد ضمها في الغصن قرص البرد ... ضم فم لقبلة من بعد
ومن أحسن ما استعمل أوصاف الورد في اعتذاره عن الإصغاء إلى كلام العذول مجد الدين النسائي الأربلي (مولده سنة اثنين وثمانين وخمسمائة، وتوفي في سنة ست وستمائة) شعر:
أصغي إلى قول العذول بجملتي ... مستفهمًا عنكم بغير ملالي
لتلقطي زهرات ورد حديثكم ... من بين شوك ملامة العذالى
السرى الرفا يصف وردًا أبيضًا قال:
بدا أبيض الورد الجني كأنما ... تبسم للناس بمسك وكافوري
كأن اصفرارًا منه تحت بياضه ... برادة تبر في مداهن بلوري
ولبعضهم في الورد الأسود:
لله اسود ورد ظل يلحظنا ... من الرياض بأحداق اليعافير
كأنما وجنات الريح نقطها ... كف الإمام بإنصاف الدنانير
ولآخر فيه:
وورد اسود خلناه لما ... تنشق نشره ملك الزمان
مداهن عنبر غصن وفيها ... بقايا من سحيق الزعفران
وقال مجير الدين بن تميم مضمنًا:
1 / 43