10
عظم شأن هذه القبائل بضعف الدولة الرومانية والأمم المتمدينة المجاورة لها، وبفضل ما كسبته لنفسها بمرور الزمن من مران على القتال والتجارة، تكونت منها وحدات سياسية عربية الأصل كما لا يخفى، أهمها «الأباجرة» في «أذاسا» «والأرزاس» في «البطراء»
11
وتدمر، وتعرف مملكة هؤلاء الأرزاس باسم مملكة «النبط»، وظلت عاصمتهم «البطراء» مزدهرة زهاء خمسة قرون، كانت في خلالها مركزا تجاريا عظيم الأهمية على طريق القوافل بين سبأ «اليمن» والبحر المتوسط. ومهما يكن من أمر هؤلاء النبط فهم عرب أغاروا أول أمرهم على أقاليم آرامية، وتحضروا بحضارتها، واستخدموا لغة الآراميين وكتابتهم في سائر شئونهم العمرانية، وإن احتفظوا بلغتهم العربية التي ظلوا يستعملونها في شئونهم الخاصة وأحاديثهم اليومية.
12
ابتدع هؤلاء لأنفسهم خطا اشتقوه من الخط الآرامي هو الخط الذي عرف باسمهم، وإنه على الرغم من أن مملكة النبط «169ق.م-106ب.م» قد تلاشت من الوجود في أوائل القرن الثاني الميلادي، إلا أن طريقتهم في الكتابة ظلت باقية يستخدمها الأعراب النازلون في أقصى شمال شبه الجزيرة زهاء قرون ثلاثة
13
فعرب هذه الأقاليم الشمالية مروا بكتابتهم في مراحل ثلاث؛ الأولى: المرحلة الآرامية، والكتابة الآرامية التي اتخذها الأنباط قبل اتخاذهم خطا خاصا بهم مربعة الحروف تقريبا «ومن سلالتها التدمرية والعبرية». والثانية: مرحلة انتقال من الخط الآرامي المربع إلى الخط النبطي. والثالثة: مرحلة نضج انتهى فيها الخط النبطي إلى صورته المعروفة التي تميل إلى الاستدارة رغم ما يبدو فيها من نزوع إلى التربيع. ودراسة هذه المرحلة لا تهم إلا الباحث في تطور الكتابة،
14
ولا تهمنا في إلمامة كهذه، وقد أثبت البحث العلمي أن العرب اشتقوا خطهم من هذا الخط النبطي.
अज्ञात पृष्ठ