============================================================
الامرين، إما فى النفى لهما عنه، تعالى، أو فى الإضافة لهما إليه، لكانوا قد اصابوا فى النصف من ذلك، وإن أخطاوا فى النصف الآخر، ولكنهم أخذوا الخطا بطرفيه، 178 و/ فاخطاوا فى إضافة (2) ما أضافوه إليه، وفى نفى ما نفوه عنه، مع أنهم بذلك واقعون فى المناقضة فى ذلك كله ؛ لأنهم إنما نزهوا (2) الله، سبحانه، عن النوع الأول، وهو ما يتبلى الله عباده من المضاربة، لأجل أنه ضرر نزل بمن لا يستحقه، فكان قبيحا عندهم، والله، تعالى، لا يفعل القبيح، فكان نفيه عن الله، تعالى، اولى، لأنه لا يفعل شيئا من القبائح على ما تقدم .
وكذلك فإنهم يضيفون إلى الله، سبحانه، ما أضافوه من هذه الجراح والمضار الحاصلة بجنايات الجناة، لأجل أنه جعل العالم يحيل ويستحيل: فخلق هذه الأبدان، تنجرح لمن جرحها، وكذلك سائر الأجسام، وذلك عندهم، وجب نسبة ما حصل فيها من هذه الجنايات إليه، تعالى، وهذا بعينه قائم فيما نفوه عنه من المضار؛ لأنه قد خلق هذه الأبدان، تنجرح بما يقع فيها من الجرب والجدرى وغيرهما، وخلق الأموال تتغير بما وقع فيها من الصرد والرياح وغيرها، يجب أن يضيفوا ذلك إليه بهذه العلة، وإلا ظهرت مناقضتهم فى التعليل، كما ظهرت مناقضتهم فى المذاهب وكيف يستقيم فى عقل عاقل، تنزيه الله، سبحانه، عن فعل الجرح الذى يحصل فى راس العبد بالبرد لعلة أنه ظلم ؛ أو ضرر نزل بمن لا يستحقه ، مع إضافة الجرح 178 ظ ( الحاصل فى الرأس بان يرجه بعض الناس، ظلما فى رأسه بجلموذ.
أكبرمن البردة بمائة ضعف، والجرح الحاصل به أعظم من الجرح الحاصل بالبردة؛ مع انه ضرر نزل بمن لا يستحقه، وهو ظلم فى الحقيقة !..
وهذا مما لا يخفى حاله، على من له نصيب من التوفيق، أو حظ من النظر والتييز، وقد خفى عليهم:
पृष्ठ 54