============================================================
المسالة الثانية نقدالمطرفية فى أن علوم الانسان كلها فعله قولهم : إن علوم الإنسان كلها فعله، ويفعلها، باختياره فيسوون فى هذه القضية بين العلوم الأولية، وسائر العلوم الضرورية، وبين العلوم المكتبة الأختيارية فيقولون : إن علم العاقل، أن العشرة اكثرمن الخمسة فعله، يفعله باختياره، فإن 172 ظل شاء فعله لنفه، فعلم ذلك، وإن لم يشأ لم يفعل، فلم يعلم ذلك مع أنه كامل العقل فى الحالين جميما، وكذلك سائر الأوليات والضروريات، وهذا مذهب لهم معروف يتظاهرون به، ويناظرون عليه، وهم مع ذلك قد سلوا أصلين: أحدها : أن من حق الفعل الاختيارى، أن يتمكن فاعله من ان يبدل ضده مكانه، ويخرج منه إلى غيره مع سلامة أحواله.
والشانى : أن العاقل لا يتمكن من تبديل ضد هذا العلم مكانه، والخروج منه إلى غيره، فيعتقد أن الخمسة أكثر من العشرة، مع سلامة أحواله فينتج من هذين الأصلين أن هذا العلم ليس باخنيارى، وهم يكابرون هذه النتيجة، ويزعمون أن هذا العلم اختيارى، يكتسبه العاقل باختياره، إن شاء.
وعلى هذا النحو يجرى الكلام معهم فى سائر الضروريات؛ لأن من أصابه ألم شديد فى جسمه، فالمعلوم عنده وعند كل عاقل، أنه كما لا يختار نزول ذلك الألم ه فانه لا يختار علمه به، وهم يعتقدون أن عله بمرضه النازل به اختيارى، يفعله بنفسه متى شاع، وقد سلوا مثل هذين الأصلين المقدم ذكرهما: أحدها: أن من حق الاختيارى أن يتمكن فاعله من أن يبدل ضده مكانه، ويخرج منه إلى غيره، والثانى : أن هذا المذهب لا يتمكن فى حاله هذه، من فعل ضد هذا العلم، أو رج منه إلى غيره، فيعتقد أنه صحيح معا فى 173 و فينتج من هذين الأصلين، أن علمه بذلك ليس باختيارى، بل هو ضرورى يحصل فيه، شاء أم أبى، وهم يكابرون هذه النتائج ومقدماتها، ويزعمون ان هذه العلوم، وما جرى مجراها، مكتسبة اختيارية
पृष्ठ 44