[9] وكذلك إذا كان الناظر في الليل في موضع مضيء بضوء النار، وكان ضوء النار منبسطا على الأرض، وكان في الموضع مبصرات لطيفة أو مبصرات فيها معان لطيفة، وكانت في ظل من الأظلال، ولم يكن الضوء الذي عليها قويا، ولم تكن النار متوسطة بين البصر وبين تلك المبصرات، وكان الناظر يدرك تلك المبصرات ويدرك المعاني اللطيفة التي فيها، ثم تحرك الناظر من موضعه حتى تصير النار متوسطة بين بصره وبين تلك المبصرات، فإن تلك المبصرات تخفى عنه إن كانت لطيفة، أو تخفى المعاني اللطيفة التي تكون فيها ولا يكاد يدركها ما دامت النار متوسطة بين بصره وبينها. وإن ستر النار عن بصره أدرك في الحال تلك المبصرات اللطيفة التي كانت تخفى عنه. وإن رفع الساتر الذي بين النار وبين بصره خفيت تلك المبصرات عنه.
[10] فتدل هذه الأحوال على أن الأضواء القوية إذا أشرقت على البصر أو على الهواء المتوسط بين البصر والمبصر فإنها تعوق البصر عن إدراك بعض المبصرات التي أضواؤها ضعيفة.
[11] وأيضا فإنه إذا نظر الناظر إلى جسم صقيل، وكان في الجسم نقوش دقيقة، ولم تكن النقوش خالفة اللون للون الجسم بل كانت النقوش من لون ذلك الجسم، وكان الناظر في مكان معتدل الضوء، وكان ذلك المكان مقابلا للسماء أو لبعض الجدران المضيئة بضوء قوي، ثم قابل بذلك الجسم السماء أو الجدارالمضيء فإنه ينعكس منه ضوء ما إلى البصر ويجد الضوء الذي يظهر في سطح الجسم وفي الموضع الذي ينعكس منه الضوء قد قوي وأشرق. وفي هذه الحال إذا تأمل الناظر إلى الجسم الصقيل لم يظهر له فيه شيء من النقوش التي في موضع الضوء القوي المشرق من ذلك الجسم. ثم إن ميل الناظر الجسم عن ذلك الموضع حتى يصير الانعكاس إلى موضع غير الموضع الذي فيه بصره، ويكون مع ذلك على الجسم ضوء معتدل، فإن الناظر حينئذ يدرك النقوش التي فيه التي كانت تخفى عنه عند انعكاس الضوء عن الجسم إلى بصره
[12] وكذلك الخط الدقيق الذي في الورق الصقيل إذا انعكس الضوء عن الورق إلى البصر لم يتحقق البصر ذلك الخط ولم يفهمه ما دام الضوء منعكسا عنه إلى البصر. فإذا ميل سطح الورم حتى يتغير وضعه، فلا ينعكس الضوء عنه إلى البصر، أدرك البصر ذلك الخط وفهمه.
पृष्ठ 123