[4] وكذلك إن نظر الناظر إلى جسم نقي البياض وقد أشرق عليه ضوء النار، وكان ضوء النار قويا، وأطال النظر إليه، ثم انصرف إلى موضع مظلم، فإنه يجد أيضا في بصره مثل ذلك. وكذلك إذا كان الناظر في بين وكان في البيت ثقب واسع منكشف للسماء، ونظر إلى السماء من ذلك الثقب في ضوء النهار، وأطال النظر، ثم عطف ببصره إلى موضع مظلم، فإنه يجد صورة الضوء الذي كان يدركه من الثقب مع شكل الثقب في الموضع. وإن أطبق بصره وجد أيضا فيه تلك الصورة.
[5] فتدل جميع هذه الأحوال على أن الضوء يؤثر في البصر أثرا ما.
[6] وأيضا فإننا نجد الناظر إذا نظر إلى روضة خضراء متكاثفة وقد أشرق عليها ضوء الشمس، وأطال النظر إليها، ثم صرف بصره إلى موضع مظلم، فإنه يجد في الموضع المظلم صورة ذلك الضوء ومتلونا بخضرة الزرع. ثم إن نظر في هذه الحال إلى مبصرات بيض، وكانت تلك المبصرات في الظل وفي موضع ضعيف الضوء، فإنه يجد ألونها ملتبسة بلون الخضرة. فإن أطبق بصره أيضا في هذه الحال وتأمل فإنه يجد في بصره صورة الضوء وصورة الخضرة ثم ينحل ذلك ويزول. وكذلك إذا نظر إلى جسم متلون بلون أرجواني أو لازوردي أو لون من الألوان المشرقة القوية وقد أشرق عليه ضوء الشمس وأطال النظر إليه ثم عطف ببصره إلى مبصرات بيض في موضع ضعيف الضوء وجد ألونها ملتبسة بذلك اللون.
[7] فتبين من هذا الاعتبار أن الألوان المضيئة تؤثر أيضا في البصر.
[8] وأيضا فإننا نرى الكواكب في الليل ولسنا نرى الكواكب في ضوء النهار، وليس الفرق بين الوقتين إلا أن الهواء المتوسط بين أبصارنا وبين السماء مضيء بالنهار وهو بالليل مظلم، فما دام الهواء مظلما فنحن نرى الكواكب، فإذا أضاء الهواء المتوسط بين أبصارنا وبين الكواكب بضوء النهار خفيت عنا الكواكب.
पृष्ठ 122