[132] وقد اعتقد قوم أن اللون لا حقيقة له وأنه شي ء يعرض بين البصر والضوء كما تعرض التقازيح ولي اللون صورة في الجسم المتلون. وليس الأمر على ما يعتقد أصحاب هذا الرأي. وذلك أن التقازيح إنما تكون بالانعكاس، والانعكاس ليس يكون إلا من وضع مخصوص وليس يكون من جميع الأوضاع، والتقازيح التي تظهر في أرياش بعض الحيوانات إنما هي انعكاس الأضواء عن سطوح أرياش تلك الحيوانات، ولذلك تختلف صورها بحسب اختلاف الأضواء، وهذه الحيوانات إذا ظهر التقازيح في أرياشها ثم تغيرت أوضاعها من البصر أو تغير وضع البصر منها اختلفت صور التقازيح التي تظهر فيها عند البصر، واختلفت المواضع من أرياشها التي تظهر فيها ألوان التقازيح. وإذا أنعم المعتبر النظر واستقصى التأمل للتقازيح التي تظهر في أرياش الحيوانات، وتلطف في تأملها، وجد كل لون من هذه التقازيح يتغير موضعه من الجسم الذي يظهر عليه عند تغير وضع ذلك الجسم من البصر، أعني الجزء من الريش الذي يظهر فيه اللون من التقازيح، وربما تغيرت كيفية اللون أيضا عند تغير الموضع. ومع ذلك فإن هذه الحيوانات إذا حصلت في المواضع المغدرة والضعيفة الضوء لم يظهر فيها تلك التقازيح وظهرت ألوانها الأصلية.
[133] وليس كذلك الألوان التي في الأجسام المتلونة، لأن الجسم المتلون يدركه البصر من جميع الأوضاع في الوقت الواحد على صورة واحدة. وإن اختلف الضوء الذي يظهر على الجسم المتلون باختلاف أوضاع البصر منه من أجل انعكاس الأضواء فإنما يختلف لون ذلك الجسم عند البصر في القوة والضعف فقط، فأما مائية اللون فليس تختلف عند البصر باختلاف الوضع. فليس إدراك البصرللألوان التي يدركها في الأجسام الكثيفة الملونة بالانعكاس، فليس هذه الألوان كالتقازيح.
पृष्ठ 117