- حسدوه فرموه بما ليس فيه. وبئست الخصلة في أهل العلم!
وقال أبو ثور: ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى الشافعي مثل نفسه.
وقال الزعفراني: ما رأيت مثل الشافعي أفضل ولا أكرم ولا أسخى ولا أتقى ولا أعلم منه، وما رأيته لحن قط. وكان يُقْرَأ عليه من كل الشعر فيعرفه.
وقال الحميدي: كان الشافعي سيد علماء أهل زمانه، وربما ألقى علي وعلى ابنه «أبي عتمان» المسألة فيقول: أيكما أصاب فله دينار!
وقال سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت «محمد بن عبد الله بن عبد الحكم» يقول: ليس «أبو عبيد» عندنا بفقيه. فقلت له: ولم؟ قال: لأنه يجمع أقاويل الناس ويختار لنفسه منها قولا. قلت: فمن الفقيه؟ قال: الذي يستنبط أصلا من كتاب أو سنة لم يسبق إليه، ثم يُشَعِّبُ من ذلك الأصل مائة شعبة. قلت: ومن يقوى على هذا؟ قال: محمد بن إدريس الشافعي.
ثم روى البيهقي ما أثر عن الشافعي من لباسه وهيئته وخضابه ونقش خاتمه ومما جاء في ذلك هذا النص الذي نقله من كتاب العاصمي عن الربيع قال:
كان الشافعي يجلس في حلقته إذا صلى الصبح، فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا، واستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا، وجاء أهل العربية، والعروض، والنحو، والشعر، فلا يزالون إلى أن يقرب انتصاف النهار، ثم ينصرف.
وكان يجدر بالبيهقي أن لا يذكر هذا النص في هذا الباب، وإنما يذكره في باب آخر هو ألصق به كباب فضل العلم والترغيب في تعلمه وتعليمه.
المقدمة / 26