وروى قول الربيع: كان الشافعي حسن الوجه، وحسن الخلْق، محببًا إلى من كان بمصر - في وقته - من الفقهاء، والأمراء والنبلاء؛ كلُّهم يجئ إلى الشافعي ويعظمه ويجله. ولو رأيته وحسن ثيابه، ونظافته، وفصاحته، أعجبت منه.
وبعد أن ذكر وصية الشافعي ذكر مرضه، ووفاته، وتربته، ومقدار سِنّه، وأهله وأولاده، ومن روى عنه من علماء الحجاز، واليمن، ومصر، والعراق، وخراسان.
ثم ذكر أصحابه الذين حملوا عنه علما، أو رَوَوْا عنه حديثا، أو حكوْا عنه حكاية.
وجعل البيهقي «الباب الأخير» من كتابه في ذكر من قعد في مجلس الشافعي بعد وفاته، ومن قام من أصحابه بنشر علمه.
ومن أهم الحقائق التي يحتويها هذا الباب، ما جاء فيه عن أبي عبد الله الهروى أنه قال: سمعت أبا زرعة الدمشقي، وقلت له: ما أكثر حمل «المزني» على الشافعي؟! فقال: لا تقل هكذا، ولكن قل: ما أكثر ظلمه للشافعي؟!
وقد روى البيهقي هذا النص عن أستاذه: أبي عبد الرحمن السًّلَمى، ووثقه بأنه قال: وهكذا قرأته في كتاب العاصمي. ثم عقب عليه البيهقي بقوله: وما أحسن ما قال أبو زرعة. وظلم «المزني» للشافعي يتجلى في شيئين: أحدهما: أنه كان صبيا ضعيفا، فربما وجد في كتاب الشافعي مسألة قد سقط منها بعض شرائطها - وهي في رواية حرملة والربيع صحيحة - فنقلها على ما في كتابه، ثم أخذ في الطعن على الشافعي. وكان من سبيله أن ينظر كتب أصحاب الشافعي حتى يتبين له خطؤه في الكتابة، أو خطأ من كَتَب كتابه فيستغنى عن الاعتراض.
المقدمة / 27