[الكلام على اتخاذ السرج على القبور]
وأما اتخاذ السرج عليها فغايته تحريم جعل السرج على القبور، والحقيقة تفيد وضعها مباشرة عليها لا تحريم التسريج حولها وبعيدا عنها، وإلا لزم كون سدنة المسجد النبوي والآمرين لهم والراضين بفعلهم لمشاركتهم لهم داخلين في اللعن منذ اتخذت فيه السرج إلى اليوم وما بعده، ولا مخرج لهم من ذلك؛ لأن التسريج عند القبر النبوي صلوات الله وسلامه على مشرفه وآله وحوله معلوم بالعيان على مرور الزمان، فقد عمل السلف والخلف التسريج عندها للزيارة والتلاوة، فإن صح الحديث فيحمل على وضع السرج عليها، أو أن يكون النهي لاقترانه بعبادتها وقول الهجر عندها، لا لمطلق التسريج، ثم إن ذلك الحديث آحادي لا يفيد ما ادعاه من المحادة لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
قال: وفي البخاري أن عمر بن الخطاب رأى أنس بن مالك يصلي عند قبر فقال: القبر القبر.
الجواب: أن فعل أنس ينقض ما ادعيته من الإجماع على النهي، وقول عمر لاحجة فيه ولا دلالة.
قال: وقال أبو سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)).
الجواب: هذا ينقض عليك ماخرجته من أن النهي عن الصلاة عند
المقابر للإشراك إذ قد قرنها بالحمام، ولا يتوهم فيه ذلك، وهو يفيد أن المراد باتخاذها مسجدا الصلاة عليها، وفيه نقض لما أبرمت.
[حديث ((لاتجلسوا على القبور ولاتصلوا إليها))]
قال: وأبلغ من هذا أنه نهى عن الصلاة إلى القبر، فلايكون القبر بين المصلي والقبلة ففي صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لاتجلسوا على القبور ولاتصلوا إليها)) .
الجواب: أن مفاد الحديث وهو قوله: ((لا تجلسوا على القبور)) خلاف مدعاك من أنها لا تحترم ولا تعظم كما سيأتي لك تشبيهها بمسجد الضرار وقولك: ويجب هدمها وطمسها.
وأما قولك: وفي هذا إبطال قول من زعم أن النهي عن الصلاة فيها لأجل النجاسة.
पृष्ठ 77