============================================================
المبحث الأول/ العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم تعالى يمل)، دون أن يعترض عليه مغلفا هذا الملل بأنه ليس كمللنا، فيقول: "فمن العلماء من قال: إن هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن ملل الله ليس كملل المخلوق، إذ إن ملل المخلوق نقص لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالا"(1).
وبينما ينفي الحافظ المفسر ابن كثير جواز أن يوصف الله تعالى بالمكر والهزء قائلا: "والله لا يكون منه المكر ولا الهزء"(2)، نجد الشيخ ابن العثيمين يصف الله تعالى بالمكر والخداع على سبيل المدح، قائلا: "أما الخداع فهو كالمكر يوصف الله تعالى به حين يكون مدحا ولا يوصف به على سبيل الإطلاق، قال الله تعالى: *إن المنفقين يخكدغون الله وهوخكدعهم} [النساء/142)"(2).
وقال أيضا: "وأما صفة الكمال بقيد، فهذه لا يوصف الله بها على الإطلاق إلا مقيدا، مثل: المكر، والخداع، والاستهزاء... وما أشبه ذلك، فهذه الصفات كمال بقيد، إذا كانت في مقابلة من يفعلون ذلك فهي كمال، وإن ذكرت مطلقة فلا تصح بالنسبة لله ، ولهذا لا يصح إطلاق وصفه بالماكر أو المستهزي أو الخادع، بل تقيد فنقول: ماكر بالماكرين، مستهزئ بالمنافقين، خادع للمنافقين، كائد للكافرين، فنقيدها لأنها لم تأت إلا مقيدة"(2).
وممن ذكر ذلك من المعاصرين أيضا، الشيخ محمد خليل هراس (ت/1395ه) في اشرح العقيدة الواسطية لابن تيمية"، حيث قال: "وقوله : وهوشديد المحال} [الرعد/13]..
الخ، تضمنت هذه الآيات إتبات صفتي المكر والكيد، وهما من صفات الفعل الاختيارية.
ولكن لا ينبغي أن يشتق له من هاتين الصفتين اشم، فيقال: ماكر وكائد؛ بل يوقف عندما (1) ابن العثمين، مجموع فتاوى ورسائل ابن العثيمين (174/1).
(2) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (183/1 - 184).
(3) ابن العثيمين، مجموع فتاوى ورسائل ابن العثيمين (1/ 171).
(4) ابن العثيمين، شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية (ص/143).
पृष्ठ 76