============================================================
المبحث الأول/ العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم اعتمدهم الفكر العقدي عند حشوية أهل الحديث كمرجعية أصيلة مقدمة على النصوص القطعية المحكمة من الكتاب والينة المتواترة.
ونتيجة لهذه التسريبات والتأثيرات بين الفكر العقدي الإسلامي الصافي، وبين هذا الإرث التقافي الموروث عند المسلمين الجدد من أصحاب الملل والنحل المختلفة، ظهر مفهوم مشوه لمفهوم الخالق عند بعض الفرق المنتسبة للإسلام، فاعتقدوا أن الله جسم، ذو شكل وصورة وهيئة، له وجه وأعين وفم ويد وجنب ورجل، قاعد على العرش، وينزل بذاته إلى السماء الدنيا كل ليلة، ويوم القيامة سينزل ويجيء إلى هذه الأرض ليحاسب الناس على أعمالهم!!
وفي ذلك، قال العلامة محمد زاهد الكوثري (ت/ 1371ه) في مقدمته لكتاب لاتبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري": "وكان عدة من أحبار اليهود، ورهبان التصارى، ومرازبة المجوس، أظهروا الإسلام في عهد الراشدين، ثم أخذوا بعدهم في بث ما عندهم من الأساطير بين من تروج عليهم ممن لم يتهذب بالعلم من أعراب الرواة، وبسطاء مواليهم، فتلقفوها منهم ورووها لآخرين بسلامة باطن، معتقدين ما في أخبارهم في جانب الله من التجسيم والتشبيه، ومستأنسين بما كانوا عليه من الاعتقاد في جاهليتهم، وقد يرفعونها افتراء إلى الرسول أو خطأ، فأخذ التشبيه يتسرب إلى معتقد الطوائف، ويشيع شيوع الفاحشة. وكان الحسن البصري من جلة التابعين وممن استمر سنين ينشر العلم في البصرة، ويلازم مجلسه نبلاء أهل العلم، وقد حضر مجلسه يوما أناس من رعاع الؤواة، ولما تكلموا بالسقط عنده، قال: ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة أي جانبها فسموا الحشوية، ومنهم أصناف المجسمة والمشبهة"(1).
وقد انقسمت هذه الطائقة من الرواة القائلين بالتجسيم والتشبيه ومن وافقهم إلى مجموعتين: (1) انظر: مقدمة الكوئري على "تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري" لابن عساكر (ص/10- 11).
पृष्ठ 64