============================================================
المطلب الثاني التجسيم عند أهل الحديث والغلاة من الشيعة توسع دين الإسلام في أرجاء المعمورة توشعا سريعا وهائلا، ودخلت الأمم والشعوب فيه أفواجا، وكان لهذه الأمم والشعوب موروث ثقافي وفكري واسع يشمل الأمثال والحكمة والأدب والشعر وعلوما مختلفة، كما هو الحال عند المجوس وأهل الكتاب والزرداشتية وغيرهم، فلما دخلوا في الإسلام بدأت تتسرب الأفكار والمعتقدات إلى الفكر الإسلامي الجديد.
وكان أخطر تلك التسريبات هي التي تتعلق بالأمور العقدية خاصة في موضوع الالهيات، وقد تم ذلك التسريب في عصر تدوين السنة في منتصف القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري(1)، مما أدى إلى ظهور أفكار واعتقادات في قالب نصي منسوب إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى أقوال ما سموا بالسلف الصالح الذين (1) ولم يكتت قبل ذلك - أي من وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى عصر التدوين - شيء من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاصحائف غير مرتبة ولا منظمة، لم يصل إلينامنها شيء، وفي ذلك قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في "تاريخ الإسلام" (13/9): "وفي سنة مثة وثلاث وأربعين (43 1ه) شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير (..)، وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم أو يرؤون العلم من ضخفي صحيحة غير مرتبة".
पृष्ठ 63