============================================================
المطلب الأول ل تنزيه الله عن الجسمية ولوازمها وقد ثبت أن الاجتماع والافتراق من لوازم التحيز، والحق لا يوصف بالتحيز، لأنه لو كان متحيزا لم يخل إما أن يكون ساكنا في حيزه أو متحركا عنه ولا يجوز أن يوصف بحركة ولا سكون ولا اجتماع ولا افتراق، ومن جاور أو باين فقد تناهى ذاتا والتناهي إذا اختص بمقدار استدعى مخصصا.
وكذا ينبغي أن يقال: ليس بداخل في العالم وليس بخارج منه، لأن الدخول والخروج من لوازم المتحيزات، فهما كالحركة والسكون وسائر الأعراض التي تختص بالأجرام.
وأما قولهم: خلق الأماكن لا في ذاته فثبت انفصاله عنها. قلنا: ذاته تعالى لا تقبل أن يخلق فيها شيء ولا أن يحل فيها شيء، وقد حملهم الحش على التشبيه والتخليط، حتى قال بعضهم(1): "إنما ذكر الاستواء على العرش لأنه أقرب الموجودات إليه". وهذا جهل أيضا لأن قرب المسافة لا يتصور إلا في جشم، ويعز علينا كيف ينسب هذا القائل إلى مذهبنا.
واحتج بعضهم بأنه على العرش، بقوله تعالى: إليه يصعد الكلمر الطيب والعمل الضللح يرفمد) [فاطر/10]، وبقوله: وهو القاهر فوق عبادهء) [الأنعام/18].
وجعلوا ذلك فوقية حسية، ونسوا أن الفوقية الحسية إنما تكون لجشم أو جوهر، وأن الفوقية قد تطلق لعلو المرتبة، فيقال: فلان فوق فلان، ثم إنه كما قال تعالى: (فوق عبادهه}، قال تعالى: وهومعكر [الحديد/4]. فمن حملها على العلم، حمل خضمه الاستواء على القهر.
أخبرنا علي بن محمد بن عمر الدباس، قال أنبأنا رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، قال: كان أحمد بن حنبل (...) لا يقول بالجهة للباري لأن الجهات تخلي عما سواها.
وقال ابن حامد: الحق يختص بمكان دون مكان، ومكانه الذي هو فيه وجود ذاته على عرشه. وقال: وذهبت طائفة إلى أن الله تعالى على عرشه قذ ملأء، والأشبه أنه مماس (1) أي مجسمة الحنابلة
पृष्ठ 61