============================================================
المبحث الأول/ العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم الإصابة في نفي معنى الجشم"(1).
3 - وقال الحافظ المفسر عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي (ت/ 597 ه) في كتابه لادفع شبه التشبيه بأكف التنزيه" رادا على ابن الزاغوني الحنبلي المجسم: "وقيل لابن الزاغوني: هل تجددث له صفة لم تكن له بعد خلق العرش؟ قال: "لا إنما خلق العالم بصفة التخت، فصار العالم بالإضافة إليه أسفل، فإذا ثبت لإحدى الذاتين صفة التحت تشبت للأخخرى صفة استحقاق الفوق". قال: "وقد ثبت أن الأماكن ليست في ذاته ولا ذاته فيها، فثبت انفصاله عنها، ولا بد من شيء يحصل به الفصل، فلما قال: ثم استوى} (الأعراف/54]، علمنا اختصاصه بتلك الجهةه. وقال ابن الزاغوني أيضا: "ولا بد أن يكون لذاته نهاية وغاية يعلمها".
قلث: هذا رجل لا يدري ما يقول، لأنه إذا قدر غاية وفصلا بين الخالق والمخلوق فقد حدده وأقر بأنه جسم وهو يقول في كتابه: إنه ليس بجوهر لأن الجوهر ما يتحيز، ثم يثبت له مكانا يتحيز فيه.
قلت: وهذا كلام جهل من قائله وتشبيه محض، فما عرف هذا الشيخ ما يجب للخالق تعالى وما يستحيل عليه؟! فإن وجوده تعالى ليس كوجود الجواهر والأجسام التي لابد لها من حيز(2)، والتحت والفوق إنما يكون فيما يقابل ويحاذى، ومن ضرورة المحاذي أن يكون اثبر من المحاذى أو أصغر أو مثله، وأن هذا ومثله إنما يكون في الأجسام، وكل ما يحاذي الأجسام يجوز أن يمسها، وما جاز عليه مماسة الأجسام ومباينتها فهو حادث، إذقد ثبت أن الدليل على حدوث الجواهر قبولها المماسة والمباينة، فإن أجازوا هذا عليه قالوا بجواز حدوثه، وإن منعوا هذا عليه لم يبق لنا طريق لإثبات حدوث الجواهر ، ومتى قدرنا مستغنيا عن المحل ومحتاجا إلى الحيز، ثم قلنا: إما أن يكونا متجاورين أو متباينين كان ذلك محالا، فإن التجاور والتباين من لوازم التحيز في المتحيزات.
(1) الغزالي، إحياء علوم الدين (127/1- 128).
(2) الحيز: هو الفراغ الذي يشغله الجسم والجوهر.
पृष्ठ 60