============================================================
المطلب الأول / تنزيه الله عن الجسمية ولوازمها وأيضاء فإنه لا يعقل البثة جسم إلا مؤلف طويل عريض عميق، ونظارهم لا يقولون بهذا، فإن قالوه لزمهم أن له مؤلفا جامعا مخترعا فاعلا.
فإن منعوا من ذلك، لزمهم أن لا يوجبوا لما في العالم من التاليف لا مؤلفا ولا جامعا إذ المؤلف كله كيفما وجد يقتضي مؤلفا ضرورة.
فإن قالوا: هو جشم غير مؤلف. قيل لهم: هذا هو الذي لا يعقل حقا ولا يتشكل في النفس البتة (...).
قال أبو محمد: ويبطل قؤل من وصف الله تعالى بأنه جشم وقول من وصفه بحركة تعالى الله عن ذلك: إن الضرورة توجب أن كل متحرك فذو حركة وأن الحركة لمتحرك بها وهذا من باب الإضافة، والصورة في المتصور لمتصور وهذا أيضا من باب الإضافة، فلو كان كل مصور متصورا وكل محرك متحركا لوجب وجود أفعال لا أوائل لها وهذا قد أبطلناه فيما خلا من كتابنا بعون الله تعالى لنا وتأبيده إيانا. فوجب ضرورة وجود محرك ليس متحركا ومصور ليس متصورا ضرورة ولا بد، وهو الباري تعالى، محرك المتحركات، ومصور المصورات، لا إله إلاهو..."(1).
2 - وقال الإمام أبو حامد الغزالي الأشعري الشافعي: "الأصل الخامس: العلم بأنه تعالى ليس بجيم مؤلف من جواهر(2) إذ الجسم عبارة عن المؤلف من الجواهر، وإذا بطل كؤنه جوهرا مخصوصا بحيز بطل كؤنه جشما، لأن كل جشم مختص بحيز ومركب من جوهر، فالجوهر يستحيل خلوه عن الافتراق والاجتماع والحركة والسكون والهيئة والمقدار وهذه سمات الحذوث. ولو جاز أن يعتقد أن صانع العالم جشم لجاز أن يعتقد الإلهية للشمس والقمر أو لشيء آخر من أقسام الأجسام. فإن تجاسر متجاسر على تشميته تعالى جشما من غير إرادة التأليف من الجواهر كان ذلك غلطا في الاسم مع (1) ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل (92/2 - 95).
(2) الجوهر: هو المتحيز القائم بنفسه.
पृष्ठ 59