============================================================
المبحث الأول/ العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم وهو مقدس عنها؛ وهذه أقوال طائقة منهم: قال الحافظ تقي الدين السبكي (ت/756ه): لاحكى ذلك الفقيه الإمام العلامة قاضي قضاة الإسكندرية ناصر الدين ابن المنير المالكي، الفقيه، المفسر، النحوي، الأصولي، الخطيب، الأديب، البارع في علوم كثيرة، في كتابه "المقتفى في شرف المصطفى" لما تكلم على الجهة وقرر نفيها، قال: ولهذا المعنى أشار مالك في قوله : "لا تفضلوني على يونس بن متى". فقال مالك: "إنما خص يونس للتنبيه على التنزيه لأن رفع إلى العرش، ويونس هبط إلى قابوس البحر، ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلاله نسبة واحدة! ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه الصلاة والسلام أقرب من يونس بن مثى وأفضل مكانا، ولما نهى عن ذلك". ثم أخذ الفقيه ناصر الدين يبدي أن الفضل بالمكانة لأن العرش في الرفيق الأعلى فهو أفضل من السفل، فالفضل بالمكانة لا بالمكان، فانظر أن مالكا(1) - وناهيك به - قد فسر الحديث بما قال هذا المتخلف النحس(2): إنه إلحاد، فهو الملحد عليه لعنة الله(2) ما أوقحه وما أكثر تجرأه؟! أخزاه الله"(4).
(1) الإمام مالك رحمه الله تعالى رد جميع أحاديث التجسيم والتشبيه ونهى أن يحدث بها أحد واتهم واضعها ومفتريها أبا الزناد عامل بني أمية، وقد نقلنا ذلك (ص/90 - 91) فانظره فإنه مهم في معرفة منشأ الروايات المكذوية والموضوعة في الأمة الإسلامية.
(2) يقصد به ابن قيم الجوزية الذي رد عليه الإمام الشبكي في كتابه هذا وستاه: "السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل".
(3) قال الشيخ محمد زاهد الكوثري في التعليق: "ترى المؤلف على ورعه البالغ يستنزل اللعنات على الناظم في كثير من مواضع هذا الكتاب، وهو يستحق تلك اللعنات من حيث خروجه على معتقد المسلمين بتلك المخازي، لكن الخاتمة مجهولة، فالأؤلى كف اللسان الآن عن اللعن.
وأما اشتنزال المؤلف اللعنة عليه فكان في حياة الناظم وهو يمضي على زيغه وإضلاله عامله الله بعدله.
(4) تقي الدين السبكي، السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل (ص/40 - 41) .
पृष्ठ 56