============================================================
المبحث الأول/ العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم الجسم تعالى الله عن ذلك غلؤ اكبيرا..
قال الإمام فخر الدين الرازي: "والقيوم} من يكون قائما بنفسه مقوما لغيره، فكؤنه قائما بنفسه مقوما لغيره عبارة عن احتياج كل ما سواه إليه، فلو كان جشما لكان هو مفتقرا الى غيره وهو جزؤه، ولكان غيره غنيا عنه وهو جزؤه، فحينئذ لا يكون قيوما. وأيضا: لو وجب حصوله في شيء من الأحياز لكان مفتقرا محتاجا إلى ذلك الحيز، فلم يكن قيوما على الإطلاق"(1).
الآية الحادية عشرة: قول الله تعالى: { إن الله لا يخفل عليه شقء فى الأرض ولا فى السماه) [آل عمران/5].
قال التيذ علي وفا (ت/ 807ه)(2) أحد رجال الطريقة النقشبندية في تفسير هذه الآية: "هذه الآية تدل على نفي الجهة عن الله تعالى، وجه الدلالة أن قاعدة الترقي تقتضي أن يكون الاطلاع على ما في الأرض للأرض أقرب من الاطلاع على ما في السموات، فلو كانت السماء جهة لله لم تؤخر في هذه الآية، إذ لا يحسن أن يقال: لا يخفى عن الملك شيء في البلاد القاصية وفي بيته أو بلده ، وإنما يحسن أن يقال: لا يخفى عليه شيء في بلده ولا في البلاد القاصية عن بلده؛ فلو كان للحق جهة لاقتضت هذه الآية جهته، لكن نحن متوافقون على أن الحق تعالى منزره عن جهة الأرض، والآية تدل على أنه منزه عن جهة السماء فما فوقها ولا جهة غيرهما، فلا جهة للحق أصلا فافهم"(3).
الآية الثانية عشرة: قول الله تعالى: ولا يحيطوب به. علما} [طه/110]، وقوله تعالى: لا تدركه الأبصر [الأنعام/103].
(1) الرازي، أساس التقديس في علم الكلام (ص/29).
(2) هو علي بن محمد بن محمد بن وفا، أبو الحسن القرشي الأنصاري الشاذلي المالكي، متصوف، اسكندري الأصل، مولده ووفاته بالقاهرة. الزركلي، الأعلام (5/ 7).
(3) نقله عنه مفتي الشافعية في مكة المكرمة أحمد بن زيني دحلان في كتابه ل"تقريب الأصول لتسهيل الوصول لمعرفة الله والرسول" (ص/179).
पृष्ठ 50