============================================================
المطلب الأول ل تنزيه الله عن الجسمية ولوازمها جميع الجهات في ملكه وتحت ملكه، فأي جهة توجهنا إليه فيها على وجه الخضوع كنا معظمين له ممتثلين لأمره"(1).
وقال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله } تعليقا على كلمة الطبري الذي أوردها في تفسيره أثناء تأويل هذه الآية: ... وأنه تعالى لا يخلو منه مكان"(2) ما نصه: "وفي قوله: "وأنه تعالى لا يخلو منه مكان"، إن أراد علمه تعالى فصحي(3)، فإن علمه تعالى محيط بجميع المعلومات، وأما ذاته تعالى فلا تكون محصورة في شيء من خلقه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا"(2).
أقول: وبهذا يتبين أن الحافظ ابن كثير هو من العلماء المنزهين لله تعالى عن الجسمية ولوازمها من المكان والزمان وما شابه من سمات المحدثات، وكلامه هذا في التنزيه هو عقيدة الحافظ ابن جرير الطبري نفسها، إذ يقول في "تاريخ الأمم والملوك": "فتبين إذا، أن القديم بارئ الأشياء وصانعها هو الواحد الذي كان قبل كل شيء، وهو الكائن بعد كل شيء، والأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، وأنه كان ولا وقت ولا زمان، ولا ليل ولانهار، ولا ظلمة ولا نور ولا سماء ولا أرض، ولا شمس ولا قمر ولا نجوم..."(5).
الآية العاشرة: قول الله تعالى: الله لا إله إلا هو الحى القيوم)[البقرة /255].
والقيوم} أي القائم بذاته المستغني عن كل ما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه، فلو كان الله جسما لبطل أن يكون قائما بذاته وصار قائما بغيره أي بالأجزاء الذي يتألف منها (1) أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير (578/1).
(2) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن (2/ 528).
(3) وهذا هو مراد الإمام ابن جرير الطبري لأنه كان من الحفاظ المنزهين لله تعالى عن الجسمية ولوازمها من المكان والزمان وما شابه من سمات الخلق، كما سيمر كلامه في "تاريخ الأمم والملوك"(1/ 30).
(4) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (1/ 272).
(5) الطبري، تاريخ الأمم والملوك (1/ 30).
पृष्ठ 49