============================================================
المطلب الأول تنزيه الله عن الجسمية ولوازمها هذا، فنقول: هذه السورة يجب أن تكون من المحكمات لا من المتشابهات، لأله تعالى جعلها جوابا عن سؤال السائل وأنزلها عند الحاجة، وذلك يقتضي كونها من المحكمات لا من المتشابهات. وإذا ثبت هذا، وجب الجزم بأن كل مذهب يخالف هذه الصورة يكون باطلا. فنقول: إن قوله تعالى: أحد} يدل على نفي الجسمية ونفي الحيز والجهة؛ أما دلالته على أنه تعالى ليس بجسم، فذلك لأن الجسم أقله أن يكون مركبا من جوهرين وذلك ينافي الوحدة، ولما كان قوله: أحد} مبالغة في الوحدانية كان قوله: أحد} منافيا للجسمية (...). ثم أكدوا هذا الوجه بقوله تعالى: (ولم يكن له كفوا أحة (...).
وأما قوله تعالى: الله الصكمد}، فالصمد هو السيد المصمود إليه في الحوائج، وذلك يدل على آنه ليس بجسم وعلى آنه غير مختص بالحيز والجهة.
وأما قوله تعالى: { ولم يكن له كفوا أحةا}، فهذا أيضا يدل على أنه ليس بجسم ولا جوهر، لأنا سنقيم الدلالة على أن الجواهر متماثلة، فلو كان تعالى جوهرا لكان مثلا لجميع الجواهر فكان كل واحد من الجواهر كفؤا له. ولو كان جشما لكان مؤلفا من الجواهر، لأن الجسم يكون كذلك وحينيذ يعود الإلزام المذكور. فثبت: أن هذه الشورة من أظهر الدلائل على أنه تعالى ليس بجسم ولا بجوهر، ولا حاصل في مكان وحيز"(1).
الآية الثالثة: قول الله تعالى: هل تعلله سميا [مريم/65]. أي مثلا وشبها، رواه ابن أبي طلحة: عن عبد الله بن عباس، وبه قال الإمام الشهيد سعيد بن خبير ومجاهد وقتادة(2).
والاستفهام في هذه الآية يراد به النفي، فيكون المعنى: لا يكون لله سميا أي مثيلا وشبيها، ولما جاء لفظ سميا}، بصيغة النكرة في سياق استفهام يفيد النفي دل على (1) الرازي، أساس التقديس (ص/24- 26).
(2) انظر: ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير (3/ 141).
पृष्ठ 45