============================================================
المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم المنصور (136-158ه)(1)، مماجعل معظم أحاديثها سواء تعلقت بالعقيدة أم بالتشريع أحاديث ظنية الثبوت لأنها وردث من طريق الآحاد(2)، فيسقط عندها الاستدلال بها إذا خالفت الأصول القطعية(2)، فلا حاجة لنا أن نشتغل بتأويلها وصرف معناها عن ظاهرها لأنها ظنية الثبوت عن التبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن دوره البيان والإيضاح لا الإغماض والإشكال: (1) ولم يكتبت شيء من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك - أي من زمن وفاة النبي إلى زمن المنصور - إلا صحائف غير مرتبة ولا منظمة ولم يصل إلينا منها شيء، وفي ذلك قال الحافظ الذهيي في "تاريخ الإسلام" (13/9): "وفي سنة مثة وثلاث وأربعين (143ه) شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير، فصنف ابن جريج بمكة (ت/150ه)، ومالك "الموطأ" بالمدينة (ت/179ه)، والأوزاعي بالشام (ت/156ه)، وابن آبي عروبة (ت/143ها، وحماد بن سلمة (ت/ 167ه) وغيرهما بالبصرةه ومعمر باليمن (ت/153ه)، وسفيان الثوري بالكوفة (ت/ 161ه)، وصنف ابن إسحاق المغازي (ت/151ها، وصنف أبو حنيفة الفقه والرآي (ت/ 150ها، ثم بعد يسير صنف هشيم (ت/188ه) والليث بن سعد (ت/175ه) وابن لهيعة (ت/174ها، ثم ابن المبارك (ت/181ه) وأبو يوسف (ت/ 182ه) وابن وهب (ت/197ه)، وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودونث كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم أو يرؤون العلم من ضحقي صحيحة غير مرتبة".
(2) ولو دؤنت السنة النبوية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووزعث على أقطار الدولة الإسلامية، وتناولها الناس بالحفظ والدراسة كما حصل مع القرآن الكريم لجاءت كلها متواترة، ولما اختلف فيها المسلمون هذا الاختلاف الشديد، ولما فرقوا دينهم وكانوا شيعا ومذاهب وطوائف كل حزب بما لديهم فرحون، حتى كفر بعضهم بعضا، وفسق بعضهم بعضا!!!
(3) وقد أجمع علماء الإسلام قاطبة عدا حشوية أهل الحديث، أن أحاديث الآحاد التي جاءت صحيحة الإسناد لا ثوجب العلم اليقيني وأنها ظنية الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يحتج بها في باب العقيدة إذا جاءت مخالفة للقرآن والسنة المتواترة، وفي ذلك قال الإمام ابن حزم الظاهري (ت/456ه) في "الإحكام في أصول الأحكام" (119/1): "وقال الحنفيون والشافعيون وجمهور المالكيين وجميع المعتزلة والخوارج: إن خبر الواحد لا يوجب العلم، ومعنى هذا عند جميعهم أنه قد يمكن أن يكون لأي حديث الآحاد] كذبا أو موهوما فيه، واتفقوا كلهم في هذا".
पृष्ठ 102