في إخراج الصكاك من أحضر الأموال متناولًا»، قال: «إذن، لا تجدي معرفتي بما يجب لأمير المؤمنين الهناء به بما يديم له منهم حسن الثناء، ويستمد بدعائهم طول البقاء» . وقال الفضل بن سهل للمأمون: «يا أمير المؤمنين اجعل نعمتك صائنة لوجوه خدمك عن إراقة مائها في غضاضة السؤال»، فقال: «والله لا كان ذلك إلا كذلك» .
قال ودخل العتابي على المأمون. فقال: «خبرت بوفاتك فغمتني، ثم جاءتني وفادتك فسرتني»، فقال: «يا أمير المؤمنين! كيف أمدحك، أم بماذا أصفك، ولا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك؟»، قال: «سلني ما بدا لك؟» قال: «يداك بالعطية أطلق من لساني بالمسألة» .
قال: وقدم السعدي أبو وجزة «١» على المهلب بن أبي صفرة، فقال:
«أصلح الله الأمير. إني قد قطعت إليك الدهناء، وضربت إليك آباط الإبل من يثرب» . قال: «فهل أتيتنا بوسيلة أو عشرة أو قرابة؟»، قال: «لا، ولكني رأيتك لحاجتي أهلًا، فإن قمت بها، فأهل ذلك، وإن يحل دونها حائل، لم أذمم يومك، ولم أيأس من غدك» . فقال المهلب: «يعطي ما في بيت المال» . فوجد مائة ألف درهم، فدفعت إليه، فأخذها وقال:
«يا من على الجود صاغ الله راحته ... فليس يحسن غير البذل والجود
عمت عطاياك من بالشرق قاطبةً ... فأنت والجود منحوتان من عود
وقد يجب على العاقل الراغب في الأدب أن يحفظ هذه المخاطبات، ويد من قراءتها، وقد قال الأصمعي:
أما لو أعي كل ما أسمع ... وأحفظ من ذاك ما أجمع
ولم أستفد غير ما قد جمعت ... لقيل: أنا العالم المقنع
ولكن نفسي إلى كل شيء ... من العلم تسمعه، تنزع،
1 / 29