للدراهم مني» .
قال: ودخل المأمون، ذات يوم الديوان، فنظر إلى غلام جميل، على أذنه قلم، فقال: «من أنت؟» قال: «أنا الناشيء في دولتك، المتقلب في نعمتك، المؤمل لخدمتك، الحسن ابن رجاء»، فقال المأمون: «بالإحسان في البديهة تتفاضل العقول، يرفع عن مرتبة الديوان إلى مراتب الخاصة، ويعطي مائة ألف درهم تقوية له» .
قال: ووصف يحيى بن خالد «١» الفضل بن سهل، وهو غلام على المجوسية للرشيد، وذكر أدبه، وحسن معرفته، فعمل على ضمه إلى المأمون، فقال ليحيى يومًا: «ادخل إلى هذا الغلام المجوسي، حتى أنظر إليه فأوصله» فلما مثل بين يديه وو وقف، تحير، فأراد الكلام فارتج عليه، فأدركته كبوة، فنظر الرشيد إلى يحيى نظرة منكرة لما كان تقدم من تقريظه إياه، فانبعث الفضل بن سهل فقال: يا أمير المؤمنين إن من أبين الدلائل على فراهة «٢» الملوك شدة إفراط هيبته لسيده»، فقال له الرشيد: «أحسنت والله لئن كان سكوتك لتقول هذا إنه لحسن، ولئن كان شيئًا أدركك عند انقطاعك، إنه لأحسن وأحسن» ثم جعل لا يسأله عن شيء إلا رآه فيه مقدمًا، فضمه إلى المأمون.
قال: وقال الفضل بن سهل للمأمون، وقد سأله حاجة لبعض أهل بيوتات دهاقين «٣» سمرقند كان وعده تعجيل إنفاذها فتأخر ذلك: «هب لوعدك مذكرا من نفسك وهنيء سائلك حلاوة نعمتك، واجعل ميلك إلى ذلك في الكرم حثًا على اصطفاء شكر الطالبين، تشهد لك القلوب بحقائق الكرم، والألسن بنهاية الجود»، فقال: «قد جعلت إليك إجابة سؤالي عني بما ترى فيهم، وآخذك في القصير فيما يلزم لهم من غير استثمار أو معاودة
1 / 28