فلا أنا أحفظ ما قد جمعت ... ولا أنا من جمعه أشبع
وأقعد للجهل في مجلس ... وعلمي في الكتب مستودع
ومن يك في علمه هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع
يضيع من المال ما قد جمعت ... وعلمك في الكتب مستودع
إذا لم تكن حافظًا واعيا ... فجمعك للكتب ما ينفع
وقال بعضعهم: «الحفظ مع الإقلال أمكن، وهو مع الإكثار أبعد.
وتغيير الطبائع زمن رطوبة الغصن أقبل» . وفيها قال الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا
وقيل: «العلم في الصغر كالنقش في الحجر، والعلم في الكبر كالعلامة على المدر..» فسمع ذلك، الأحنف، فقال: «الكبير أكثر عقلًا ولكنه أكثر شغلًا»، كما قال:
وإن من أدبته في الصبا ... كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقًا ناضرًا ... بعد الذي أبصرت من يبسه
والصبي عن الصبي أفهم، وهو له آلف، وإليه أنزع؛ وكذلك العالم عن العالم، والجاهل عن الجاهل. وقال الله تعالى: «ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلًا»، لأن الإنسان عن الإنسان أفهم، وطباعه بطباعه آنس.
وضده، قال: دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب، فقال:
«إني أكلت من لحوم الجوازيء «١»، وطسئت طسأة «٢»، فأصابني وجع بين الوابلة «٣» إلى دأية «٤» العنق؛ فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الشراسيف «٥»؛
1 / 30