وتضحك ضحكة فارهة يضيع صداها في ضجيج الحفل، ويرتجف قلب عزام، وتكمل الفتاة: كل المعرفة.
ويخشى فريد من الربكة التي غمرت عزام، ويسارع قائلا: الآنسة نرمين.
وفي ذهول يقول عزام: تشرفنا.
وتقول الأخرى: أهلا، وأنا سعيدة.
ويقول عزام وكأنه يرد التحية ولكن دون أن يقصد إلى النكتة: سعيدة مباركة.
ويحس الجميع أن الإجابة صدرت منه وكأنه جالس على مصطبة أبيه في البلدة، ودون أن يقصد إلى المفارقة التي وضحت في اللهجة، فينفجر ثلاثتهم في قهقهة عالية ارتفع صداها على صخب الحفل، حتى لقد بدأت بعض العيون تنظر إليهم. فينتبهون إلى ارتفاع ضحكهم، وعزام في غمرته لا يزال، وتضع نرمين يدها على فمها وتصدر عنها تلك «الهش» التي يطالب الناس بها بعضهم البعض بالصمت، أو بخفض الصوت. وينتبهون أيضا أنهم ما زالوا واقفين. وتقول سعيدة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اقعد، اقعدوا.
وتنظر إلى فريد. - هذا موديل لم أره في حياتي.
ويقول فريد: ابعدي عنه فهو ليس قدك. عليك أنت به يا نرمين، فربما فهم لغتك. إنما سعيدة لا يفهمها إلا أنا.
وتفهم الفتاتان أن الصديقين قد اتفقا على هذه القسمة وهما في طريقهما إليهما. ولم تكن الصلة بين أي من الفتاتين وبين فريد وثيقة، إنما هي صلة محددة المعالم لا تسمح لنرمين بالغضب من فريد أنه اختار سعيدة. صلة الفتاتين بفريد صلة محددة المعالم واضحة الأغراض. وليس من بين معالمها حب يثير الغيرة أو حتى يدعو إلى التظاهر بها. وكان عزام يظن أن نرمين ستثير حملة شعواء على فريد، ولكنه دهش أنه وجد الأمور تجري طبيعية. بل وجد من نرمين إقبالا عليه وسعادة للتعرف به جعلته يترك دهشته ويلتفت بجميعه إلى الجديد من تجارب الحياة. وأدرك أنه لا بد أن يكون في كامل استعداده حتى لا يثير سخرية الفتاتين وصديقه فريد.
وقال فريد: هل نشرب شيئا؟
अज्ञात पृष्ठ