علماؤهم يتكلفون بعمارة الظاهر وباطنهم خراب لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، وهم يتلون الكتاب، فما عذرهم عند العزيز الوهاب؟ إذا دفنوا تحت التراب، وولى عنهم الأصحاب والأحباب، وحضرتهم ملائكة غلاظ شداد لا يعصوون الله ما أمرهم به من الثواب والعقاب، فعند ذلك تحسروا على ما صدر منهم وندموا على ما ضيعوا أعمارهم، وعند ذلك لا يقبل عذرهم ودعاؤهم لا يجاب، ووراء ذلك يوم المناقشة والمحاسبة يوم تحضر فيه كل نفس معها سائق وشهيد وكتاب، يوم توزن فيه الأعمال، وتظهر فيه قبائح الأفعال، ويناقش فيه كل شيخ وشاب.
فالله الله إخواني هذه أهوال عظام تأتي عليكم، وأنتم إلى الآن غافلون، وفي بحر اللذات غارقون، توبوا إلى الله جميعا، واستغفروه صباحا ومساء؛ لعل الله يرحمكم ويسعدكم، ويخفف عنكم شدة الحساب، جعلني الله وإياكم ممن تاب، وأناب وأدخلني وإياكم الجنة بغير حساب، ونجاني وإياكم من سوء المنقلب في المآب.
والحمد لله الرب الحليم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {حم، تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب}(1).
الخطبة الأولى للجمعة الخامسة من شهر ربيع الأول
पृष्ठ 48